أُوْلِعَتْ بِالْغَدْرِ فِي أَيْمَانِهَا - سبط ابن التعاويذي
أُوْلِعَتْ بِالْغَدْرِ فِي أَيْمَانِهَا
                                                                            وَوَفَتْ بِالْوَعْدِ فِي هِجْرَانِهَا
                                                                    أنجزتْ ما وعدَتْ من نأيِها
                                                                            لَيتَها دامَتْ على لَيانِها
                                                                    غادة ٌ في ثغرِها مَشمولة ٌ
                                                                            حُرِّمَ الرِّيُّ عَلَى ظَمْآنِهَا
                                                                    حَلأَّتْ عَاشِقَهَا عَنْ وِرْدِهَا
                                                                            وَحَمَتْهَا بِظُبَا أَجْفَانِهَا
                                                                    لاَ تُحَدِّثْ قَلْبَكَ الْعَانِي بِهَا
                                                                            بسُلوٍّ فهْوَ من أعوانِها
                                                                    حَمَلَتْ رِيحُ الصَّبَى مِنْ أَرْضِهَا
                                                                            نَفْحَة ً تُسْنِدُهَا عَنْ بَانِهَا
                                                                    فَتعرَّفْنا بِرَيّا عَرْفِها
                                                                            أنّها مرَّتْ على أَرْدانِها
                                                                    أنتِ أشجاني وأَوْطاري فيا
                                                                            شَجْوَ نفسٍ أنتِ من أشجانِها
                                                                    يئسَ العائدُ من إبرائِها
                                                                            وسَلا العاذلُ عنْ سُلْوانِها
                                                                    أَخْلَقَتْ جِدَّة ُ أَثْوَابِ الصَّبِّي
                                                                            فِيكِ وَالصَّبْوَة ُ فِي رَيْعَانِهَا
                                                                    وبأَحْناءِ ضلوعي زَفْرَة ٌ
                                                                            ضاقَ باعُ الصبرِ عن كِتامنِها
                                                                    آهِ لِي مِنْ كَبِدٍ مَقْرُوحَة ٍ
                                                                            طُويَتْ فيكِ على أحزانِها
                                                                    ولأيامِ شبابٍ بعتُها
                                                                            مُرْخِصاً بِالنَّزْرِ مِنْ أَثْمَانِهَا
                                                                    وبجَرْعاءِ الحِمى جاريَة ٌ
                                                                            تَمْلِكُ الْحُسْنَ عَلَى أَقْرَانِهَا
                                                                    سُمْتُهَا يَوْمَ التَّنَائِي ضَمَّة ً
                                                                            فأَحالَتْني على قُضْبانِها
                                                                    خَلِّهَا يَا حَادِيَ الْعِيسِ عَلَى
                                                                            رِسْلِهَا تَمْرَحُ فِي أَرْسَانِهَا
                                                                    تحمِلُ الأقمارَ في أفلاكِها
                                                                            وَغُصُونَ الْبَانِ فِي كُثْبَانِهَا
                                                                    ظُعُناً أَسْتَوْدِع
                                                                            ُ اللَّهَ عَلَى الـ
                                                                    وَعَلَى وَادِي أُشَيٍّ سَرْحَة ٌ
                                                                            تُجْتَنى اللَّوعة ُ من أغصانِها
                                                                    فاحبِسِ الرَّكْبَ عليها سائلاً
                                                                            كُنُسَ الْغِزْلاَنِ عَنْ غِزْلاَنِهَا
                                                                    فَلَكَمْ أَجْرَيْتُ أَفْرَاسَ الصِّبَى
                                                                            وخيولَ اللَّهوِ في مَيْدانِها
                                                                    وتَقنَّصْتُ الدُّمى في جَوِّها
                                                                    لا تعِبْ فَرْطَ حَنيني رُبّما
                                                                            حَنَّتِ النِّيبُ إلى أَعطانِها
                                                                    أَنَا مُحْتَاجٌ إلَى عَطْفِكُمُ
                                                                            حاجة َ الدنيا إلى سُلطانِها
                                                                    هوَ ظلُّ اللهِ في الأرضِ على
                                                                            أهلِها والرُّوحُ في جُثمانِها
                                                                    بَثَّ فِي أَقْطَارِهَا مَعْدِلَة ً
                                                                            تُؤْمِنُ الظَّبْيَة َ مِنْ سِرْحَانِهَا
                                                                    حُجَّة ُ اللَّهِ فِيَ الْخَلْقِ فَمَا
                                                                            يُنْكِرُ الْجَاهِلُ مِنْ بُرْهَانِهَا
                                                                    جَمَعَتْ أَيَّامُهُ مَا أَثَّرَتْ
                                                                            خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَزْمَانِهَا
                                                                    نظرَ الدنيا بعيْنَيْ مُشفِقٍ
                                                                            أَنْ يَرَاهُ اللَّهُ مِنْ أَخْدَانِهَا
                                                                    فَأَهَانَ الْجُودُ فِي رَاحَتِهِ
                                                                            ما أعزَّ الناسُ من عِقْيانِها
                                                                    جَمَعَ السُّودَدَ فِي تَبْدِيدِهَا
                                                                            وَأَطَاعَ اللَّهَ فِي عِصْيَانِهَا
                                                                    دَعْوَة ً أَعْلَنَهَا اللَّهُ فَمَا
                                                                            يَنْقَمُ الْحُسَّادُ مِنْ إعْلاَنِهَا
                                                                    رَدَّها اللهُ إلى تدبيرِهِ
                                                                            فاستقرَّتْ منهُ في أوطانِها
                                                                    نالَ ما يبتغيهِ منها وادِعاً
                                                                            وسيوفُ الهِندِ في أجفانِها
                                                                    أَسَدٌ أَخْلَى الشَّرَى مِنْ أُسْدِهَا
                                                                            وحمى الرَّدْهة َ من ذُؤْبانِها
                                                                    فملوكُ الأرضِ تَنقادُ لهُ
                                                                            طَاعَة ً تَخْضَعُ فِي تِيجَانِهَا
                                                                    وَإذَا مَرَّتْ عَلَى أَبْوَابِهِ
                                                                            صِيدُهَا خَرَّتْ عَلَى أَذْقَانِهَا
                                                                    يَا إمَامَ الْعَصْرِ هُنِّئْتَ بِهَا
                                                                            دَوْلَة ً غَرَّاءَ فِي إبَّانِهَا
                                                                    شِدْتَ منها مُعْلِيَاً ما شادَهُ
                                                                            جَدُّكَ المنصورُ من بُنيانِها
                                                                    لكَ في المَحْلِ يدٌ هَطّالة ٌ
                                                                            يخجلُ الأنواءُ من تَهْتانِها
                                                                    سالَ وادي جُودِها حتى لقدْ
                                                                            غَرِقَ الإعْسَارُ فِي طُوفَانِهَا
                                                                    طُلْتَ أَفْلاَكَ الدَّرَارِيِّ عُلاً
                                                                            فَکسْمُ بِالْفَخْرِ عَلَى كَيْوَانِهَا
                                                                    فَرَسُولُ اللَّهِ مِنْ جُرْثُومَة ٍ
                                                                            عُودُكَ الناضرُ من عِيدانِها
                                                                    يا بني العبّاسِ أنتمْ نَبعُها
                                                                            وقُريشٌ بعدُ من شِرْيانِها
                                                                    أنتمُ الذُّروة ُ من غاربِها
                                                                            أنتمُ المُقلة ُ من إنسانِها
                                                                    أنتمُ الساداتُ من أَجوادِها
                                                                            والكُماة ُ الحُمْسُ من فُرسانِها
                                                                    أنتمُ للناسِ أعلامُ هُدى ً
                                                                            يَلْتَجي الساري إلى نِيرانِها
                                                                    أنتمُ في الحشرِ ذُخرٌ يومَ لا
                                                                            ينفعُ النفْسَ سِوى إيمانِها
                                                                    يَوْمَ لاَ تَحْبَطُ أَعْمَالُ فَتًى
                                                                            حُبُّكُمْ في كفَّتَيْ مِيزانِها
                                                                    وَذُنُوبٌ أَوْبَقَتْنِي كَثْرَة ً
                                                                            بكُمُ أطمعُ في غُفرانِها
                                                                    كعبة ُ اللهِ التي حرَّمَها
                                                                            أنتمُ الجِيرَة ُ من جِيرانِها
                                                                    ينْفَدُ الدهرُ وكمْ من أثَرٍ
                                                                            لكمُ باقٍ على أركانِها
                                                                    لكمُ الفضلُ على ساداتِها
                                                                            شِيبِهَا وَالْغُرِّ مِنْ شُبَّانِهَا
                                                                    أُنْفِذَ الْمَبْعُوثُ مِنْكُمْ هَادِياً
                                                                            عُرْبَها الضُّلاّلَ من طُغيانِها
                                                                    ذادَها عن موقِفِ الشِّركِ وقدْ
                                                                            عكفَتْ جهلاً على أَوثانِها
                                                                    رَحَضَ اللَّهُ بِكُمْ أَدْنَاسَهَا
                                                                            حَيْثُ كَانَ الْكُفْرُ مِنْ أَدْيَانِهَا
                                                                    أنتمُ زَحْزَحْتُمُ الأَذْواءَ عنْ
                                                                            مُلْكِهَا وَالْفُرْسَ عَنْ أَيوَانِهَا
                                                                    يَا لَهَا مِنْ أَسَلٍ سَالَتْ بِهَا
                                                                            أَنْفُسُ الْبَغْيِ عَلَى خِرْصَانِهَا
                                                                    وسقَتْ من عبدِ شمسٍ سُمْرُها
                                                                            ما أَثارَ الوِتْرُ من أضغانِها
                                                                    عُصْبَة ٌ مِنْ هَاشِمٍ تَأْيِيدُهَا
                                                                            يُوقِعُ الأَعْدَاءَ فِي خِذْلاَنِهَا
                                                                    رفعَ اللهُ لها ألوِيَة ً
                                                                            كُتِبَ النَّصْرُ عَلَى عِقْبَانِهَا
                                                                    تُؤْمِنُ الأَبْطَالَ فِي الرَّوْعِ بِهَا
                                                                            وَالسُّرَيْجِيَّاتُ فِي أَيْمَانِهَا
                                                                    فإذا ما ركِبَتْ في مأزِقٍ
                                                                            أُسْدُهَا الْغُلْبُ عَلَى عِقْبَانِهَا
                                                                    تُسلَبُ الأغمادُ عن روْضاتِها
                                                                            وَعَيَابُ السَّرْدِ عَنْ غُدْرَانِهَا
                                                                    وغدَتْ تُوطِئُ أعناقَ العِدى
                                                                            فَضْلَ مَا تَسْحَبُ مِنْ مُرَّانِهَا
                                                                    فالكُماة ُ الصِّيدُ في يومِ الوَغى
                                                                            كُومُها والوحشُ من ضِفانِها
                                                                    بالإمامِ المُستضيءِ اكْتسبَتْ
                                                                            شَرَفاً يُرْبِي عَلَى عَدْنَانِهَا
                                                                    قَرْمِهَا مَاجِدِهَا سَيِّدِهَا
                                                                            طَودِها مِطعامِها مِطعانِها
                                                                    خيرِ من داسَ الثَّرى من رَجْلِها
                                                                            وَکمْتَضَى الْغَارِبَ مِنْ رُكْبَانِهَا
                                                                    يا أميرَ المؤمنينَ اجْتَلِها
                                                                            حُرَّة ً بَالَغْتُ فِي إحْصَانِهَا
                                                                    غُرَراً تبقى بقاءَ الدهرِ ما
                                                                            سارَ في مَدحِكَ من دِيوانِها
                                                                    عُرُباً أَنسابُها تعرفُها
                                                                            مِنْ قَوَافِيهَا وَمِنْ أَوْزَانِهَا
                                                                    بَدَوِيَّاتٍ إذَا حَاضَرْتَهَا
                                                                            فَاحَ عَرْفُ الشِّيحِ مِنْ أَرْدَانِهَا
                                                                    رَعَتِ الآدَابَ حِيناً تَجْتَنِي
                                                                            مِنْ خُزَامَاهَا وَمِنْ سَعْدَانِهَا
                                                                    طلبَ الناسُ لها عَيباً فما
                                                                            عَابَهَا شَيْءٌ سِوَى حِدْثَانِهَا
                                                                    أخرسَتْ كلَّ فصيحٍ فغدا
                                                                            يُفْصِحُ الحاسدُ باسْتِحسانِها
                                                                    نشأَتْ في ظلِّكَ السابغِ لا
                                                                            فِي رُبَى نَجْدٍ وَلاَ غِيطَانِهَا
                                                                    مَدحُها الوَحيُ إذا ما اسْتَمْلَتِ الشُّعراءُ الشِّعرَ من شَيطانِها
                                                                            ـشُّعَرَاءُ الشِّعْرَ مِنْ شَيْطَانِهَا
                                                                    تَخَذَتْهُ قالَة ُ الشِّعرِ فلوْ
                                                                            أَنْصَفَتْهُ كَانَ مِنْ قُرْآنِهَا
                                                                    لم تزَلْ مُحسِنة ً في مدحِها
                                                                            فَکجْزِهَا الْحُسْنَى عَلَى إحْسَانِهَا
                                                                    وَکقْتَنِعْ مِنْهَا بِمَا فِي وُسْعِهَا
                                                                            لاَ تَكَلِّفْهَا سِوَى إمْكَانِهَا
                                                                    وابْقَ مَرهوبَ السُّطا ما انْتسبَتْ
                                                                            أُسْدُ خَفّانٍ إلى خَفّانِها
                                                                    وَسَطَتْ جَائِرَة ً فِي حُكْمِهَا
                                                                            سَورَة ُ الخَمرِ على نَدْمانِها