ليَهْنِكِ أنّي في حِبالِكَ عاني - سبط ابن التعاويذي
ليَهْنِكِ أنّي في حِبالِكَ عاني
                                                                            وأنّكِ منّي في أعَزِّ مكانِ
                                                                    وَأَنِّي ضَعِيفٌ فِي هَوَاكِ تَجَلُّدِي
                                                                            عَلَى أَنَّنِي جَلْدٌ عَلَى الْحَدَثَانِ
                                                                    حَمُولٌ لاَِعْبَاءِ الْمُلِمَّاتِ كَاهِلِي
                                                                            وما لي بما حمّلتِنيهِ يَدانِ
                                                                    ملَكْتِ أبيّاً من قيادي ولم يكنْ
                                                                            لِيُصْحِبَ إلاَّ فِي يَدَيْكِ عِنَانِي
                                                                    نأيْتِ فحرّمْتِ الجفونَ عنِ الكرى
                                                                            وَأَغْرَيْتِ دَمْعَ الْعَيْنِ بِالْهَمَلاَنِ
                                                                    وَأَعْهَدُ قَبْلَ الْبَيْنِ قَلْبِي يُطِيعُنِي
                                                                            وَلكِنَّهُ يَوْمَ الْوَدَاعِ عَصَانِي
                                                                    وَمَا زَالَ مَطْبُوعاً عَلَى الصَّبْرِ قُلَّباً
                                                                            سَوَاءً بِعَادٌ عِنْدَهُ وَتَدَانِي
                                                                    فَمَا بَالُهُ يَوْمَ النَّوَى سَارَ مُنْجِداً
                                                                            معَ الركْبِ في أَسرِ الصَّبابة ِ عاني
                                                                    فَلَيْتَ طَبِيباً أَمْرَضَتْنِي جُفُونُهُ
                                                                            وَفِي يَدِهِ مِنْهَا الشِّفَاءُ شَفَانِي
                                                                    وَلَيْتَ غَرِيمِي فِي الْهَوَى وَهْوَ وَاحِدٌ
                                                                            تَحَرَّجَ مِنْ لِيَّانِهِ فَقَضَانِي
                                                                    وَلَوْلاَ الْهَوَى يَا آلَ خَنْسَاءَ لَمْ تَكُنْ
                                                                            لتَملِكَني فيكمْ خَضيبُ بَنانِ
                                                                    ولا بِتُّ في أبياتِكُمْ سائلاً قِرى
                                                                            بغيرِ القَنا أو طالباً لأَمانِ
                                                                    أُرَجّي جَوادَ الكفِّ عَطْفَ بخيلة ٍ
                                                                            وَأَخْشَى حَدِيدَ الْقَلْبِ فَتْكَ جَبَانِ
                                                                    وقبلَكِ ما أنهضْتُ عزمي لحاجة ٍ
                                                                            وَأَدْرَكْتُهَا إلاَّ بِحَدِّ سِنَانِ
                                                                    وَأَوْلَى بِمِثْلِي أَنْ يَكُونَ مِهَادَهُ
                                                                            سَرَاة ُ حِصَانٍ لاَ سَرِيرُ حَصَانِ
                                                                    وبي أنَفٌ أنْ أقتَضي بسِرى الظُّبى
                                                                            دُيُونِيَ لَوْ غَيْرُ الْحَبِيبِ لَوَانِي
                                                                    وَمَنْ كَانَ مَجْدُ الدِّينِ عَوْناً وَنَاصِراً
                                                                            لهُ لم يُطامِنْ مَنكِباً لهَوانِ
                                                                    وَلَمْ يَخْشَ مِنْ رَيْبِ الزَّمَانِ وَلَمْ يَجِدْ
                                                                            إليهِ سبيلاً طارِقُ الحَدَثانِ
                                                                    فَتًى أَصْبَحَ الْمَعْرُوفُ وَالْعَفْوُ عِنْدَهُ
                                                                            عَتاداً لعافٍ يَجتَديهِ وجاني
                                                                    وأدْنَتْ لهُ الآمالُ وهْيَ نوازِحٌ
                                                                            سَحائبُ جُودٍ من يدَيْهِ دَواني
                                                                    نَدى ً صدقَتْ للشائمينَ بُروقُهُ
                                                                            وما كلُّ بَرقٍ صادقُ اللَّمَعانِ
                                                                    وَهَذَّبَ أَخْلاَقَ اللَّيَالِي فَرَدَّهَا
                                                                            عَوَاطِفَ مِنْ بَعْدِ الْجَفَاءِ حَوَانِي
                                                                    وَجَدَّدَ آثَارَ الْمَكَارِمِ بَعْدَ مَا
                                                                            عفَتْ أربعٌ من أهلِها ومَغاني
                                                                    وكُنّا سمِعنا الجُودَ يُروى حديثُهُ
                                                                            فَنَحْنُ نَرَاهُ الْيَوْمَ رَأْيَ عِيَانِ
                                                                    بَعِيدُ الْمَدَى دَانِي النَّدَى مِنْ عُفَاتِهِ
                                                                            فللهِ منهُ النازحُ المُتَداني
                                                                    رَحِيبُ الْمَغَانِي ضَيَّقَ الْبَأْسُ وَالنَّدَى
                                                                            مَعاذِيرَهُ يومَيْ قِرى ً وطِعانِ
                                                                    كَرِيمٌ إذَا کسْتَكْفَيْتُهُ أَمْرَ حَادِثٍ
                                                                            كفاني وإنْ رُمتُ الحِباءَ حَباني
                                                                    سعى بينَ حالي والغِنى جُودُ كفِّهِ
                                                                            فَأَصْلَحَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ زَمَانِي
                                                                    وَصُلْتُ عَلَى الأَيَّامِ مِنْ حَدِّ عَزْمِهِ
                                                                            بِأَبْيَضَ مَاضِي الشَّفْرَتَيْنِ يَمَانِي
                                                                    أَغَرُّ هِجَانٌ يَنْتَمِي مِنْ فِعَالِهِ
                                                                            إلَى شِيَمٍ مِثْلِ الصَّبَاحِ هِجَانِ
                                                                    يُريكَ وَقاراً في الندِيِّ كأنّهُ
                                                                            شَماريخُ رَضوى أو هضابُ أَبانِ
                                                                    ورأْياً يَفُلُّ المَشْرَفِيَّ وهِمّة ً
                                                                            تُناطُ بعزمٍ صادقٍ وجَنانِ
                                                                    وَبَأْساً يُشَابُ السُّخْطُ مِنْهُ بِرَأْفَة ٍ
                                                                            فَشِدَّتُهُ مَمْزُوجَة ٌ بِلَيَانِ
                                                                    وكم فرَقَ الأبطالَ يومَ كريهة ٍ
                                                                            وَأَحْرَزَ خَصْلَ السَّبْقِ يَوْمَ رِهَانِ
                                                                    مَآثِرُ لَوْ كُنْتُ کبْنَ حُجْرٍ فَصَاحَة ً
                                                                            لقَصَّرَ عن إحصائهِنَّ بَياني
                                                                    فداءٌ لمجدِ الدينِ كلُّ مُقَصِّرٍ
                                                                            بِهِ السَّعْيُ عَنْ طُرْقِ الْمَكَارِمِ وَانِي
                                                                    يُداجيهِ إجلالاً وتحتَ ابتسامِهِ
                                                                            كَمِينٌ من البغضاءِ والشنَآنِ
                                                                    تَوقَّدُ نارُ الغيَظِ بينَ ضلوعِهِ
                                                                            وَلكِنَّهَا نَارٌ بِغَيْرِ دُخَانِ
                                                                    يَرُومُ مَسَاعِيهِ بِغَيْرِ كِفَايَة ٍ
                                                                            وقد حِيلَ بينَ العَيْرِ والنَّزَوانِ
                                                                    تَهَنَّ أَبَا الْفَضْلِ الْجَوَادَ بِرُتْبَة ٍ
                                                                            سَمَا عَنْ مُجَارٍ قَدْرُهَا وَمُدَانِي
                                                                    لَهَا مُرْتَقًى دَحْضٌ إذَا رَامَ حَاسِدٌ
                                                                            رُقِيّاً لها زَلَّتْ بهِ القَدَمانِ
                                                                    مَلأْتَ أَكُفَّ الرَّاغِبِينَ مَوَاهِباً
                                                                            فشُكرُكَ مَملوءٌ بهِ المَلَوانِ
                                                                    وَسِرْتَ مِنَ الإحْسَانِ وَالْعَدْلِ سِيرَة ً
                                                                            بها سارَ قِدماً في الورى العُمَرانِ
                                                                    وَقُمْتَ بِأَعْبَاءِ الْخِلاَفَة ِ نَاهِضاً
                                                                            وقد نامَ عنها العاجزُ المُتَواني
                                                                    فلا عدِمَتْ منكَ المَمالكُ هِمّة ً
                                                                            تَبِيتُ وَفِي تَدْبِيرِهَا الثَّقَلاَنِ
                                                                    ولا زالَ مأهولاً جَنابُكَ يَلتقي
                                                                            مواسمُ أفراحٍ بهِ وتَهاني
                                                                    وَسَمْعاً لِمَا حَبَّرْتُهُ مِنْ مَدَائِحٍ
                                                                            فِصَاحٍ إذَا کسْتَجْلَيْتَهُنَّ حِسَانِ
                                                                    ضَمِنتُ لكَ الإحسانَ عنها فقدْ وفى
                                                                            لمجدِكَ فيها خاطري بضَماني
                                                                    وَسَيَّرْتُهَا تَطْوِي الْبِلاَدَ شَوَارِداً
                                                                            بِهَا الْعِيسُ بَيْنَ النَّصِّ وَالْوَخَدَانِ
                                                                    كرائمَ ما عرَّضتُهُنَّ لخاطبٍ
                                                                            سِوَاكَ فَلَمْ أَسْمَحْ بِهِنَّ لِبَانِي
                                                                    فَإنَّ عَقِيلاَتِ الْكِرَامِ إذَا بَنَى
                                                                            بهِنَّ سِوى الكَفْوءِ الكريمِ زَوَاني
                                                                    تَلينُ قِياداً للكريمِ وإنّها
                                                                            لِكُلِّ لَئِيمِ الصِّهْرِ ذَاتُ حُرَانِ
                                                                    فَهُنَّ بِمَا أَوْلَيْتَنِي مِنْ صَنَائِعٍ
                                                                            عَنِ النَّاسِ إلاَّ عَنْ نَدَاكَ غَوَانِي