طَرَقَتْ وَدُونَ طُرُوقِهَا - سبط ابن التعاويذي
طَرَقَت وَدونَ طُروقِها
                                                                            مِن قَومِها الأُسدُ الغِضابُ
                                                                    وَاللَيلُ في أَذيالِهِ
                                                                            شَفَقٌ كَما ذُبِحَ الغُرابُ
                                                                    وَرِواقُهُ المَضروبُ مِن
                                                                            دونِ العُيونِ لَها حِجابُ
                                                                    خَودٌ مُنَعَّمَةٌ سَقا
                                                                            ها ماءَ رَونَقِهِ الشَبابُ
                                                                    تَروى دَمالِجُها وَيغ
                                                                            رُبُ في مَوَشَّحِها الحِقابُ
                                                                    فَوَشى بِها عَبقٌ وَطي
                                                                            بٌ لِلوُشاةِ بِها اِرتِيابُ
                                                                    وَبَدا لَنا ما كانَ يَس
                                                                            تُرُ مِن مَحاسِنِها النِقابُ
                                                                    فَكَأَنَّها قَمَرٌ تَفَر
                                                                            رَقَ عَن مَطالِعِهِ السَحابُ
                                                                    وَسَقَتكَ عَذباً مَن مَرا
                                                                            شِفِها مَراشِفُها العِذابُ
                                                                    وَأَدارَتِ البِكرَ الشُمو
                                                                            لَ كَأَنَّها ذَهَبٌ مُذابُ
                                                                    عَذراءَ أَلبَسَها وَشا
                                                                            حاً مِن لَآليهِ الحَبابُ
                                                                    فَطَفِقتُ لا أَدري أَخَم
                                                                            رٌ قَد سَقَتني أَم رُضابُ
                                                                    في لَيلَةٍ رَقَّ النَسي
                                                                            مُ بِها كَما رَقَّ العِتابُ
                                                                    حَتّى إِذا طُوِيَت مُلا
                                                                            ءَتُها كَما يُطوى الكِتابُ
                                                                    وَفَرا الصَباحُ رِداءَ غَي
                                                                            هَبِها كَما يَفرى الإِهابُ
                                                                    وَأَضاءَ في إِدبارِها
                                                                            فَلَقٌ كَما نَصَلَ الخِضابُ
                                                                    وَاِستَلَّ نَصلٌ مِن أَدي
                                                                            مِ اللَيلِ قُدَّ لَهُ قِرابُ
                                                                    قامَت تَلوثُ خِمارَها
                                                                            وَبِها اِرتِياعٌ وَاِكتِيابُ
                                                                    وَرَأَت لِواءَ الفَجرِ مَن
                                                                            شوراً فَأَعجَلَها الذَهابُ
                                                                    ناشَدتُها وَلِأَدمُعي
                                                                            في الخَدِّ سَحٌّ وَاِنسِكابُ
                                                                    أَيُرى لِلَيلَتِنا الَّتي
                                                                            سَمُحَ الزَمانُ بِها إِيابُ
                                                                    جودي بِوَعدٍ مِنكَ وَال
                                                                            ظَمآنُ يَخدَعُهُ السَرابُ
                                                                    وَلَئِن بَخُلتِ وَما عَلى ال
                                                                            بيضِ الحِسانِ البُخلُ عابُ
                                                                    فَالصاحِبُ الحِزقُ الجَوا
                                                                            دُ لَهُ العَطايا وَالرِغابُ
                                                                    وَرَبابُهُ المُنهَلُّ يُل
                                                                            هي عَن نَوالِكَ يا رَبابُ
                                                                    لِمُؤَيِّدِ الإِسلامِ كَف
                                                                            فٌ لا يُساجِلُها السَحابُ
                                                                    وَأَنامِلٌ تَندى البِلا
                                                                            دُ عَلى المُحولِ بِها رِطابُ
                                                                    وَنَدى يَضيقُ بِسَحِّ دي
                                                                            مَتِهِ المَحاني وَالشِعابُ
                                                                    بَحرٌ لَه في كُلِّ با
                                                                            دِيَةٍ وَحاضِرَةٍ عُبابُ
                                                                    نَضُّ العَطاءِ إِلى مَوا
                                                                            رِدِ جودِهِ تُنضى الرِكابُ
                                                                    ما عِندَهُ لِمُؤَمِّلٍ
                                                                            جَدَواهُ غَيرَ نَعَم جَوابُ
                                                                    لَولا سَحائِبُ رِفدِهِ
                                                                            ما أَخضَرَّ لِلعافي جَنابُ
                                                                    طَعماهُ مُختَلِفانِ شُه
                                                                            دٌ إِن بَلَوناهُ وَصابُ
                                                                    بَأسٌ يُهابُ وَرَأفَةٌ
                                                                            في النازِلينَ بِها يُهابُ
                                                                    وَسَدادُ رَأيٍ لا يَضِل
                                                                            لُ عَلى بَديهَتِهِ الصَوابُ
                                                                    أَسَدٌ لَهُ يَومَ الطِعا
                                                                            نِ عَواسِلُ الخِطِيِّ غابُ
                                                                    وَمِنَ التَريكَةِ لُبدَةٌ
                                                                            وَمِنَ الظُبا ظُفرٌ وَنابُ
                                                                    تَعنو الوُجوهُ لِبَأسِهِ
                                                                            وَتَلينُ في يَدِهِ الصِعابُ
                                                                    أَموالُهُ وَعَتادُهُ
                                                                            جُردٌ مُطَهَّمَةٌ عِرابُ
                                                                    وَصَوارِمٌ أَبقى القِرا
                                                                            عُ بِها فُلُولاً وَالضِرابُ
                                                                    في غِمدِها وَشَكيمِها
                                                                            مِنها الجَداوِلُ وَالهِضابُ
                                                                    وَعَواسِلٌ لُدنٌ إِذا اِش
                                                                            تَجَرَ الكُماةُ بِها صِلابُ
                                                                    حَيّاتُ وادٍ في نُحو
                                                                            رِ الدارِ عينَ لَها اِنسِيابُ
                                                                    يَحمِلنَ زُرقاً لِلنُفو
                                                                            سِ بِها اِختِطافٌ وَاِستِلابُ
                                                                    ضَرِيَت ثَعالِبُها كَما
                                                                            ضَرِيَت عَلى البُعدِ الذِئابُ
                                                                    يَرمي العَدُوُّ بِسَهمِها
                                                                            فَلِكُلِّ شَيطانٍ شِهابُ
                                                                    يُنمى إِلى بيضِ المَآ
                                                                            ثِرِ طابَ خَيمُهُمُ فَطابوا
                                                                    قَومٌ رُبوعُهُمُ وَبو
                                                                            عُهُمُ لِوَفدِهِمُ رِحابُ
                                                                    في غَيرِ ما يَزكو بِهِ ال
                                                                            أَحسابُ لَيسَ لَهُم حِسابُ
                                                                    إِن أَومَضوا صابوا وَإِن
                                                                            أَوموا إِلى غَرَضٍ أَصابوا
                                                                    وَإِذا دُعوا لِمُلِمَّةٍ
                                                                            وَثَبو وَإِن سُئِلوا أَجابوا
                                                                    ياطالِباً مَسعاةَ مَج
                                                                            دِ الدينِ أَنفُكَ وَالتُرابُ
                                                                    أَجهَدتَ نَفسَكَ طالِباً
                                                                            ما لَيسَ يُدرِكُهُ طِلابُ
                                                                    مِن دونِ ما تَبغي عِقا
                                                                            بٌ في تَوَقُّلِها عِقابُ
                                                                    لَكَ يا أَبا الفَضلِ المَسا
                                                                            عي الغُرُّ وَالمِنَنُ الوِعابُ
                                                                    وَعَميمُ طولٍ لا يُطا
                                                                            وِلُ لِلنُهوضِ بِها الرِقابُ
                                                                    أَدأَبتَ نَفسَكَ ما لَها
                                                                            غَيرَ اِصطِناعِ العُرفِ دابُ
                                                                    وَحَمَلتَ ما يَعنى بِهِ ال
                                                                            قُلَلُ الشَوامِخُ وَالهِضابُ
                                                                    فَاللَهُ في سَيفِ الخِلا
                                                                            فَةِ أَن يُفَلَّ لَهُ ذُبابُ
                                                                    يَفديكَ أَغمارٌ بُرو
                                                                            قُهُمُ لِشائِمِهِم خِلابُ
                                                                    قَومٌ نَصيبُهُم مِنَ ال
                                                                            عَلياءِ أَن يَزكو النَصابُ
                                                                    كُلٌّ عَلى الآباءِ أَو
                                                                            وَلُهُم بِآخِرِهِم يُعابُ
                                                                    لَهُمُ بُيوتُ سِيادَةٍ
                                                                            لَكِنَّها بِهِمُ خَرابُ
                                                                    ما عِندَهُم إِلّا اِفتِخا
                                                                            رٌ بِالأَوائِلِ وَاِنتِسابُ
                                                                    لا خَيرَ في المَوروثِ لا
                                                                            يُنميهِ سَعيٌ وَاِكتِسابُ
                                                                    فَاِسلَم فَأَنتَ لِكُلِّ عا
                                                                            رِفَةٍ وَمَأثُرَةٍ مَآبُ
                                                                    وَتَمَلَّ مُلكاً لا يُشا
                                                                            بُ وَصَفوَ عَيشٍ لا يُشابُ
                                                                    يا كَعبَةَ الإِحسانِ قَد
                                                                            نَزَلَت بِكَ الخَودُ الكَعابُ
                                                                    أُختُ القَناعَةِ لا تَخِف
                                                                            فُ لَها إِلى طَمَعٍ رِكابُ
                                                                    وَفدُ الهَناءِ فَلا خَلا
                                                                            لَكَ مِن وَفودِ الحَمدِ بابُ