زَفَرَاتُ وَجْدٍ مَا يَبُوخُ ضِرَامُهَا - سبط ابن التعاويذي
زَفَرَاتُ وَجْدٍ مَا يَبُوخُ ضِرَامُهَا
                                                                            وَمَدَامِعٌ مُتَنَاصِرٌ تَسْجَامُهَا
                                                                    وَهَوًى يُمَاطِلُ بِالْقَضَاءِ غَرِيمُهُ
                                                                            وَصَبَابَة ٌ مَا يَسْتَفِيقُ غَرَامُهَا
                                                                    لَيْتَ الْبَخِيلَة َ يَهْتَدِي لِي طَيْفُهَا
                                                                            إنْ كانَ لا يُهدى إليَّ سلامُها
                                                                    بَيْضَاءُ مَا عَرَفَ الْحِفَاظَ وِدَادُهَا
                                                                            يَوْماً وَلاَ صَحِبَ الْوَفَاءَ ذِمَامُهَا
                                                                    يُنْضَى عَنِ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ رِدَاؤُهَا
                                                                            ويُماطُ عن فلَقِ الصَّباحِ لِثامُها
                                                                    تَثْنِي ثَثَنِّهَا عَزَائِمَ سَلْوَتِي
                                                                            وَيُقِيمُ عُذْرِي فِي الْغَرَامِ قَوَامُهَا
                                                                    كم ليلة ٍ بِتْنا نَرُوعُ ظلامَها
                                                                            بِزَجَاجَة ٍ رَقَّتْ وَرَاقَ مُدَامُهَا
                                                                    صِرْفٍ كَسَرْنَا بِالْمِزَاجِ مِزَاجَهَا
                                                                            لِتَلِينَ شِزَّتُها فزادَ عُرامُها
                                                                    وبثَغرِها أُخرى خِتامُ كؤوسِها
                                                                            مِسكٌ ولكنْ لا يُفَضُّ خِتامُها
                                                                    أَتَعُودُ أَيَّامِي بِرَامَة َ بَعْدَ مَا
                                                                            سكنَتْ بجَرْعاءِ الحِمى آرامُها
                                                                    وَأَحَلَّهَا الْبَيْنُ الْمُشِتُّ مَحَلَّة ً
                                                                            بَعِدَتْ مَرامِيها وعَزَّ مَرامُها
                                                                    سارَقْتُها نظَرَ الوداعِ فما ارْتَوَتْ
                                                                            نفْسٌ يزيدُ على الورودِ هُيامُها
                                                                    وَتَحَادَرَتْ عَبَرَاتُهَا فَكَأَنَّهَا
                                                                            دُرَدٌ وَهِي يَوْمَ الْفِرَاقِ نِظَامُهَا
                                                                    فكأنّها رُفعَتْ سُجوفُ خُدورِها
                                                                            زَهْرُ الرَّبِيعِ تَفَتَّحَتْ أَكْمَامُهَا
                                                                    يا غادِرينَ وغادَروا بجَوانحي
                                                                            لِبِعَادِهِمْ نَاراً يَشِبُّ ضِرَامُهَا
                                                                    ـعَافِي وَتَتْعَبُ فِي النَّدَى لُوَّامُهَا
                                                                            أسَفاً ولا كَبِدي يُبَلُّ أُوامُها
                                                                    جُودوا لعينِ المُستَهامِ بهَجعَة ٍ
                                                                            فَعَسَى تُمَثِّلُكُمْ لَهَا أَحْلاَمُهَا
                                                                    وَلَقَلَّمَا طَرَقَ الْخَيَالُ قَرِيحَة ً
                                                                            بِالدَّمْعِ جَرْياً لِلْجُفُونِ مَنَامُهَا
                                                                    لا تُتْلِفوا بالبَينِ مُهجَة َ عاشقٍ
                                                                            سِيَّانِ بَيْنُ حَمِيمَهَا وَحِمَامُهَا
                                                                    أَعْدَاهُ مِنْ هَيَفِ الْخُصُورِ نُحُولُهَا
                                                                            ـيَ إلَى الْقِيَامَة ِ فِي الأَنَامِ قِيَامُهَا
                                                                    لِلَّهِ دَرُّ شَبِيبَة ٍ ذَهَبَتْ نَضَا
                                                                            رَة ُ حُسنِها وتَصرَّمَتْ أيامُها
                                                                    ومآرِبٌ من عيشة ٍ سلفَتْ وإنْ
                                                                            بقيَتْ لنا تبِعاتُها وآثامُها
                                                                    تَتصرَّمُ الدنيا ويذهبُ بُؤسُها
                                                                            وَنَعَيمُهَا وَحَلاَلُهَا وَحَرَامُهَا
                                                                    تَبْقَى عَلَى الأَيَّامِ مَوْصولاً بِأَيَّا
                                                                            مِ الْخُلُودِ بَقَاؤُهَا وَدَوَامُهَا
                                                                    وَإذَا کنْتَدَيْتُمْ لِلْفِخَارِ فَأَنْتُمُ
                                                                            عُمَّالُهَا عُلَمَاؤُهَا أَعْلاَمُهَا
                                                                    غُرَّ الأيادي والمواهبِ غُزْرُها
                                                                            بِيضُ المَجالي والوجوهِ وِسامُها
                                                                    آلَ النبوّة ِ بُرْدُها وقضيبُها
                                                                            لكُمُ ومِنْبَرُها معاً وحُسامُها
                                                                    وأَما ومنْ جعلَ الخلافة َ مِنحَة ً
                                                                            لكُمُ يميناً بَرّة ً أَقسامُها
                                                                    لَتُطَبِّقَنَّ الأَرْضَ دَعْوَتُكُمْ عَلَى
                                                                            رَغمِ العدوِّ وللأنوفِ رَغامُها
                                                                    ولتَحْكُمُنَّ على أَقاصي الرومِ عنْ
                                                                            كَثَبٍ فَتُنْفَذُ بِالظُّبَى أَحْكَامُهَا
                                                                    تَرِدُ الخليجَ جِيادُها مَنشورة ً
                                                                            رَايَاتُهَا مَنْصُورَة ً أَعْلاَمُهَا
                                                                    وَلِيَنْشُرَنَّ الْمُسْتَضِيءُ بِجُودِهِ
                                                                            أَبْنَاءُ عَمِّ الْمُصْطَفَى الْهَادِي وَخَيْرُ
                                                                    رَبُّ الصَّنَائِعِ وَالْمَنَائِحِ أَثْقَلَتْ
                                                                            بالطَّولِ أعناقَ الملوكِ جِسامُها
                                                                    أَعْدَا الْبِلاَدَ عَلَى الْمُحُولِ سَخَاؤُهُ
                                                                            فَکهْتَزَّ هَامِدُهَا وَأَخْصَبَ عَامُهَا
                                                                    وَاللَّهُ أَكْرَمُ أَنْ يَحِلَّ عَذَابُهُ
                                                                            في أُمّة ٍ والمُستضيءُ إمامُها
                                                                    مِعْطَاؤُهَا مِطْعَامُهَا مِطْعَانُهَا
                                                                            مِقْدَامُهَا صَوَّامُهَا قَوَّامُهَا
                                                                    بِصَلاَحِهِ صَلُحَتْ لَنَا الدُّنْيَا وَفِي
                                                                            أيامِهِ ابتسمَتْ لنا أيامُها
                                                                    ملأَتْ مَطالِعَها أشعّة ُ عدلِهِ
                                                                            فَکنْجَابَ عَنْهَا ظُلْمُهَا وَظَلاَمُهَا
                                                                    ورمى العِدى بصَوائبٍ من بأسِهِ
                                                                            ويدُ الخليفة ِ لا تَطيشُ سِهامُها
                                                                    دَانَتْ لَهُ الأَمْلاَكُ بَعْدَ شَمَاسِهَا
                                                                            طَوْعاً وَأَذْعَنَ لِلْقِيَادِ خِطَامُهَا
                                                                    وَأَطَاعَهُ شَرْقُ الْبِلاَدِ وَغَرْبُهَا
                                                                            وحِجازُها وعِراقُها وشآمُها
                                                                    لولا تُمسُّكُها بطاعتِهِ لَما
                                                                            صَحَّتْ عقيدَتُها ولا إسلامُها
                                                                    أنّى لها بمُراغَمٍ عنْ أمرِهِ
                                                                            لَوْ حَاوَلَتْهُ لَسُفِّهَتْ أَحْلاَمُهَا
                                                                    وَبِهِ عِبَادَتُهَا تَتِمُّ وَنُسْكُهَا
                                                                            ونِكاحُها وصَلاتُها وصِيامُها
                                                                    فاسلَمْ أميرَ المؤمنينَ لدَولة ٍ
                                                                            مَا رِيعَ مُذْ رُدَّتْ إلَيْكَ سَوَامُهَا
                                                                    واحكُمْ على الأيامِ مالِكَ أمرِها
                                                                            حُكمَ المُطاعِ ففي يدَيْكَ زِمامُها
                                                                    ولَتَشْكُرَنَّكَ أُمّة ٌ أَوْلَيْتَها
                                                                            نَعماءَ ما خطرَتْ بها أَوهامُها
                                                                    حصَّنتَ بَيْضَتَها بكلِّ كتيبة ٍ
                                                                            لاَ يَرْهَبُ الْمَوْتَ الزُّؤَامَ غُلاَمُهَا
                                                                    أنتَ الذي خضعَتْ لعِزّة ِ بأسِهِ
                                                                            وَسُطَاهُ تِيجَانُ الْمُلُوكِ وَهَامُهَا
                                                                    والكعبة ُ البيتُ الحرامُ وإنْ سَمَتْ
                                                                            شرَفاً فقَومُكَ صِيدُها وكِرامُها
                                                                    بِعُلاَكَ يَفْخَرُ حِجْرُهَا وَحَطِيمُهَا
                                                                            وإليكَ يُنسَبُ رُكنُها ومَقامُها
                                                                    إنْ عَزَّ مَذْخُوراً أَهَانَتْهُ وَإنْ
                                                                            جمعَتْ ظُباها فرَّقَتْ أقلامُها
                                                                    ولكَ الكتائبُ والجيوشُ إذا سرَتْ
                                                                            فِي ظِلِّهَا طُلْسُ الْفَلاَ وَبِهَامُهَا
                                                                    والأعوَجِيّاتُ الجِيادُ مُغيرُها
                                                                            يَوْمَ الْوَغَا وَصُفُونُهَا وَصِيَامُهَا
                                                                    وَالأَرْضُ عَامِرُهَا وَغَامِرُهَا وَقُودُ
                                                                            جبالِها ووِهادُها وإكامُها
                                                                    والزَّاخِرَاتُ وَمَا بِهِنَّ مِنَ الْجَوَا
                                                                            ري المُنشآتِ كأنّها أعلامُها
                                                                    فَکسْتَجْلِهَا عَرَبِيَّة ً تَحْلُو مَعَا
                                                                            نِيها ويَعذُبُ في القلوبِ كَلامُها
                                                                    بَوَلاَئِكُمْ تَرْجُو النَّجَاة َ وَفِيكُمُ
                                                                            يَوْمَ الْخِصَامِ جِدَالُهَا وَخِصَامُهَا
                                                                    وعليكُمُ تَعويلُها في يومِها
                                                                    هيَ ما ظفِرْتَ بها كريمة ُ قومِها
                                                                            وعليكَ يا خيرَ الورى إكرامُها
                                                                    مِدَحاً إذَا الشُّعَرَاءُ يَوْماً حَاوَلَتْ
                                                                            عِرْفَانَ مُودَعِهَا نَبَتْ أَفْهَامُهَا
                                                                    وَإذَا جَرَوْا فِي حَلْبَة ٍ وَجَرَتْ إلَى
                                                                            شَأْوٍ تَبَيَّنَ نَقْصُهُمْ وَتَمَامُهَا
                                                                    لهمُ من الآدابِ شَوكُ قَتادِها
                                                                            مَرعى ً ولي سَعْداتُها وثُمامُها
                                                                    فَتَلَّقَ أَيَّامَ الْهَنَاءِ بِنِعْمَة ٍ
                                                                            صَافٍ نَدَاهَا سَابِغٍ إنْعَامُهَا
                                                                    يُبْلِي الدُّهُورَ جَدِيدُهَا وَتَكُرُّ عَا
                                                                            ئدة ً بمثلِها أَعوامُها