سَقاكِ سارٍ من الوَسْمِيِّ هَتّانُ - سبط ابن التعاويذي
سَقاكِ سارٍ من الوَسْمِيِّ هَتّانُ
                                                                            وَلاَ رَقَتْ لِلْغَوَادِي فِيكِ أَجْفَانُ
                                                                    ـرَابِي وَلِلَّهْوِ و
                                                                            َالأَطْرَابِ أَوْطَانُ
                                                                    أَعائدٌ ليَ ماضٍ من جديدِ هوى ً
                                                                            أَبْلَيْتُهُ وَشَبَابٌ فِيكِ فَيْنَانُ
                                                                    إذِ الرقيبُ لنا عَينٌ مُساعِدَة ٌ
                                                                            وَالْكَاشِحُونَ لَنَا فِي الْحُبِّ أَعْوَانُ
                                                                    وَإذْ جَمِيلَة ُ تُولِينِي الْجَمِيلَ وَعِنْدَ
                                                                            الْغَانِيَاتِ وَرَاءَ الْحُسْنِ إحْسَانُ
                                                                    وَلِي إلَى الْبَانِ مِنْ رَمْلِ الْحِمَى طَرَبٌ
                                                                            فاليومَ لا الرملُ يُصْبِيني ولا البانُ
                                                                    وما عسا يُدركُ المُشتاقُ من وَطَرٍ
                                                                            إذَا بَكَى الرَّبْعَ وَالأَحْبَابُ قَدْ بَانُوا
                                                                    وليلة ٍ باتَ يَجلو الراحَ من يدشهِ
                                                                            فيها أَغَنُّ خفيفُ الرُّوحِ جَذْلانُ
                                                                    خالٍ من الهَمِّ في خَلْخالِهِ حرَجٌ
                                                                            فقلبُهُ فارغٌ والقلبُ مَلآُنُ
                                                                    يُذْكِي الْجَوَى بَارِدٌ مِنْ ثَغْرِهِ شَبِمٌ
                                                                            ويُوقظُ الوَجدَ طَرفٌ منهُ وَسْنانُ
                                                                    إنْ يُمسِ رَيّانَ من ماءِ الشبابِ فلي
                                                                            قَلْبٌ إلَى رِيقِهِ الْمَعْسُولِ ظَمْآنُ
                                                                    بينَ السيوفِ وعينَيْهِ مُشارَكة ٌ
                                                                            مِنْ أَجْلِهَا قِيلَ لِلأَغْمَادِ أَجْفَانُ
                                                                    فَكَيْفَ أَصْحُو غَرَاماً أَوْ أُفِيقُ هَوًى
                                                                            وقَدُّهُ ثَمِلُ الأعطافِ نَشْوانُ
                                                                    أَفْدِيهِ مِنْ غَادِرٍ بِالْعَهْدِ غَادَرَنِي
                                                                            صُدودُهُ ودموعي فيهِ غُدْرانُ
                                                                    في خدِّهِ وثناياهُ ومُقلَتِهِ
                                                                            وفي عِذارَيْهِ للمَعشوقِ بُستانُ
                                                                    شَقَائِقٌ وَأَقَاحٍ نَبْتُهُ خَضِلٌ
                                                                            وَنِرْجِسٌ عَبِقٌ غَضٌّ وَرَيْحَانُ
                                                                    ما زالَ يمزُجُ كأسي من مَراشِفِهِ
                                                                            بقهوة ٍ أنا منها الدهرَ سَكْرانُ
                                                                    والليلُ تَرمُقُني شَزْراً كواكبُهُ
                                                                            كَأَنَّهُ مِنْ دُنُوِّي مِنْهُ غَيْرَانُ
                                                                    حتى توالَتْ تَؤُمُّ الغربَ جانحة ً
                                                                            منها إليهِ زَرافاتٌ وأُحْدانُ
                                                                    كأنّها نَقَدٌ بالدَّوِّ نَفَّرَها
                                                                            لمّا بدا ذنَبُ السِّرْحانِ سِرْحانُ
                                                                    أو فَلُّ جيشٍ على الأعقابِ مُنهزِمٍ
                                                                            مَالَتْ بِأَيْدِيهِمُ لِلطَّعْنِ خِرْصَانُ
                                                                    فَقَامَ يَسْحَبُ بُرْداً ضَوَّعَتْ عَبَقاً
                                                                            وَجْهَ الثَّرَى مِنْهُ أَذْيَالٌ وَأَرْدَانُ
                                                                    شَوطٌ من العمرِ أنضَيْتُ الشبيبة َ في
                                                                            مَيدانِهِ فرَحاً والعُمرُ مَيدانُ
                                                                    أيامَ شَرخُ شبابي رَوضة ٌ أُنُفٌ
                                                                            مَا رِيعَ مِنْهُ بِوَخْطِ الشَّيْبِ رَيْعَانُ
                                                                    تَقِرُّ بِي عَيْنُ نَدْمَانِي فَهَا أَنَا قَدْ
                                                                            أمسَيْتُ ما ليَ غيرَ الهَمِّ نَدْمانُ
                                                                    فَلَيْتَ شِعْرِيا َرَاضٍ مَنْ كَلِفْتُ بِهِ
                                                                            أمْ مُعرِضٌ هو عنّي اليومَ غَضبانُ
                                                                    من بعدِ ما صِرتُ في حُبّي لهُ مثَلاً
                                                                            فَسِرُّ وَجدي بهِ في الناسِ إعلانُ
                                                                    النَّاصِرِ الدِّينَ وَالْحَامِي حِمَاهُ وَمَنْ
                                                                            وللخلافة ِ عزمٌ منهُ يَقْظانُ
                                                                    خَلِيفَة ٌ ظَاعَة ُ الرَّحْمنِ طَاعَتُهُ
                                                                            حَقٍّا وَعِصْيَانُهُ لِلَّهِ عِصْيَانُ
                                                                    إذا تمسَّكْتَ في الدنيا بطاعتِهِ
                                                                            فما لسَعيِكَ عندَ اللهِ كُفْرانُ
                                                                    تَسخو بكلِّ نَفيسٍ نفسُهُ ويرى
                                                                            أنَّ النَّفائسَ للعَلياءِ أَثْمانُ
                                                                    رَبُّ الجِيادِ منَ النَّقعِ المُثارِ لها
                                                                            بَراقعٌ ومنَ الخَطِّيِّ أَرْسانُ
                                                                    تَحْذُو قَوَائِمَهَا الْتِّبْرَ النُّضَارَ فَمِنْ
                                                                            نِعالِها للملوكِ الصِّيدِ تِيجانُ
                                                                    تُرْدي الأعادي عليها حينَ تَبعثُها
                                                                            قُبًّا كَمَا کنْبَعَثَتْ تَشْتَدُّ ذُؤْبَانُ
                                                                    فاعجَبْ لمَيمونة ِ الأعرافِ مِيسَمُها
                                                                            نَصْرٌ وَفِيهَا لِمَنْ عَادَاهُ خِذْلاَنُ
                                                                    لا يُغمِدُ السيفَ إلاّ في الكَمِيِّ ولا
                                                                            يَسْتَصْحِبُ النَّصْلَ إلاَّ وَهْوَ عُرْيَانُ
                                                                    يُذْكِي الأَسِنَّة َ فِي لَيْلِ الْعَجَاجِ كَمَا
                                                                            يُذْكَى لِبَاغِي الْقِرَى فِي اللَّيْلِ نِيرَانُ
                                                                    تَعْشُو السِّبَاعُ إلَيْهَا حِينَ يَرْفَعُهَا
                                                                            ظَامِي الْحَشَا وَخَمِيصُ الْبَطْنِ طَيَّانُ
                                                                    تَسْتَطْعِمُ الْبِيضَ فِي كَفَّيْهِ مُحْدِقَة ً
                                                                            بهِ كما أحدقَتْ بالبيتِ ضِيفانُ
                                                                    على خُوَانٍ من القتلى كأنّهمُ
                                                                            على التبايُنِ من حَولَيْهِ إخْوانُ
                                                                    فيا لهُ من مُضيفٍ طالما عُقِرَتْ
                                                                            على مَقارِبِهِ أبطالٌ وأَقْرانُ
                                                                    نَمَتْهُ مِنْ غَالِبٍ غُلْبٌ غَطَارِفَة ٌ
                                                                            بِيضُ المآثرِ والأحسابِ غُرّانُ
                                                                    صَومُ الهواجرِ هِجِّيراهُمُ ولهمْ
                                                                            إذَا سَجَا اللَّيْلُ تَسْبِيحٌ وَقُرْآنُ
                                                                    حَازُوا تُرَاثَ رَسُولِ اللَّهِ وَکتَّصَلَتْ
                                                                            لَهُمْ بِدَوْحَتِهِ الْغَنَّاءِ عِيدَانُ
                                                                    حلَفْتُ بالعِيسِ أمثالِ القِسِيِّ على
                                                                            أَكْوَارِهَا كَقِسِيِّ النَّبْعِ رُكْبَانُ
                                                                    كأنّها والمَوامي يرْتَمِينَ بها
                                                                            نَواجياً تَخبِطُ الظَّلماءَ ظِلمانُ
                                                                    مِنْ كُلِّ مُجْفَرَة ِ الْجَنْبَيْنِ تَامِكَة ٍ
                                                                            كأنَّ ما ضمَّ منها الرَّحْلُ بُنْيانُ
                                                                    أَذَابَهَا لِلسُّرَى ط
                                                                            َوْعَ الأَزِمَّة ِ اعْـ
                                                                    حَتَّى لَعَادَتْ وَفِي أَنْسَاعِهَا ضُمُراً
                                                                            مِنْهَا نُسُوعٌ وَفِي الأَقْرَانِ أَقْرَانُ
                                                                    تُهْوي بكلِّ مُنيبِ القلبِ تَحفِرُهُ
                                                                            تَقِيّة ٌ مِلءُ جَنبَيْهِ وإيمانُ
                                                                    شُعْثاً يَمِيلُونَ مِنْ سُكْرِ اللُّغُوبِ كَمَا
                                                                            تَمَايَلَتْ فِي ذُرَى الأَحْقَافِ أَغْصَانُ
                                                                    يَرجونَ مكّة َ والبيتَ المُحَجَّبَ أنْ
                                                                            يَبْدُو لَهُمْ مِنْهُ أَسْتَارٌ وَأَرْكَانُ
                                                                    أُمُّوا جَوَاداً إذَا حَلُّوا بِهِ وَسِعَتْ
                                                                            ذُنُوبَهُمْ رَحْمَة ٌ مِنْهُ وَرِضْوَانُ
                                                                    وَالْمُشْعَرَاتِ الْهَدَايَا فِي أَزِمَّتِهَا
                                                                            مِنَ الْغَوَارِبِ أَنْقَاءٌ وَكُثْبَانُ
                                                                    يَقْتادُها في حبالِ الذلِّ خاضعة ً
                                                                            أعناقُها أنّها للهِ قُرْبانُ
                                                                    صُوراً إلَى الشَّعَرَاتِ الْبِيضِ قَدْ خُضِبَتْ
                                                                            مَشافِرٌ بالدمِ القاني وأَدْقانُ
                                                                    لولا وَلاءُ بني العباسِ ما ثَقُلَتْ
                                                                            لمُفلِسٍ مُخسِرٍ في الحَشرِ مِيزانُ
                                                                    أَنْتُمْ وَقَدْ بَيَّنَ الْفُرْقَانُ فَضْلَكُمُ
                                                                            بينَ الهدى وضلالِ البغيِ فُرْقانُ
                                                                    يَا نَاشِرَ الْعَدْلِ فِي الدُّنْيَا وَمُنْشِرَهُ
                                                                            ومَن بهِ تَفخرُ الدنيا وتَزْدانُ
                                                                    وَمُوسِعَ الدَّهْرِ وَالأَيَّامِ إنْ سَفِهَتْ
                                                                            حِلْماً يَخِفُّ لَهُ قُدْسٌ وَثَهْلاَنُ
                                                                    لَمْ يَبْقَ لِلْجْوْرِ سُلْطَانٌ عَلَى أَحَدٍ
                                                                            أَنَّى وَأَنْتَ لأَِهْلِ الأَرْضِ سُلْطَانُ
                                                                    قَالُوا الْقِرَانُ وَطُوفَانُ الْهَوَاءِ لَهُ
                                                                            بالشرِّ عن كثَبٍ في الأرضِ طُغيانُ
                                                                    أمَا لهمْ فيهِ برهانٌ وطائرُكَ المَيمونُ فيهِ لدَفعِ الشرِّ بُرهانُ
                                                                            ـونُ فِيهِ لِدَفْعِ الشَّرِّ بُرْهَانُ
                                                                    وَكَيْفَ تَسْطُو اللَّيَالِي أَوْ يَكُونُ لَهَا
                                                                            في عصرِ مثلِكَ إرهاقٌ وعُدوانُ
                                                                    وَأَنْتَ فِي كُلِّ عُلْوِيٍّ لَهُ أَثَرٌ
                                                                            مُؤَثَّرٌ وَعَلَى الطُّوفَانِ طُوفَانُ
                                                                    سَعَادَة ٌ لَوْ أَحَاطَ الْخَازِمِيُّ بِهَا
                                                                            لعادَ فِيما ادَّعاهُ وهْوَ خَزْيانُ
                                                                    فَکسْعَدْ بِهَا دَوْلَة ً غَرَّاءَ مَا کدَّرَعَتْ
                                                                            بِمِثْلِهَا حِمْيَرٌ قِدْماً وَسَاسَانُ
                                                                    وَکسْلَمْ تَدُومُ لَكَ النُّعْمَى فَإنَّكَ مَا
                                                                            سلِمْتَ في جَذَلٍ فالدهرُ جَذْلانُ
                                                                    لاَ زِلْتَ بَدْرَ السَّمَاءِ يَسْتَضِيءُ بِهِ
                                                                            ويهتدي مُظلمٌ منّا وحَيْرانُ
                                                                    ولا سعى لكَ صَرفُ الدهرِ في حُرُمٍ
                                                                            ولا رأى من يَرجوكَ حِرْمانُ