غاضت أنامله وهن بحور - المتنبي
غاضَتْ أنَامِلُهُ وهُنّ بُحُورُ
                                                                            وخَبَتْ مَكايِدُهُ وهُنّ سَعِيرُ
                                                                    يُبْكَى عَلَيْهِ وما استَقَرّ قَرارُهُ
                                                                            في اللّحْدِ حتى صافَحَتْهُ الحُورُ
                                                                    صَبْراً بني إسْحَقَ عَنْهُ تَكَرّماً
                                                                            إنّ العَظيمَ على العَظيمِ صَبُورُ
                                                                    فلِكُلّ مَفجُوع سِواكُمْ مُشْبِهٌ
                                                                            ولِكُلّ مَفْقُودٍ سِواهُ نَظِيرُ
                                                                    أيّامَ قائِمُ سَيْفِهِ في كَفّهِ الـ
                                                                            ـيُمْنى وَبَاعُ المَوْتِ عَنهُ قَصِيرُ
                                                                    ولَطالَما انْهَمَلَتْ بمَاءٍ أحْمَرٍ
                                                                            في شَفْرَتَيْهِ جَماجِمٌ ونُحورُ
                                                                    فأُعيذُ إخوَتَهُ برَبّ مُحَمّدٍ
                                                                            أنْ يَحْزَنُوا ومُحَمّدٌ مَسرُورُ
                                                                    أوْ يَرْغَبُوا بقُصُورِهم عَنْ حُفْرَةٍ
                                                                            حَيّاهُ فيها مُنْكَرٌ ونَكِيرُ
                                                                    نَفَرٌ إذا غابَتْ غُمُودُ سُيُوفِهِمْ
                                                                            عَنْها فآجَالُ العِبادِ حُضُورُ
                                                                    وإذ لَقُوا جَيْشاً تَيَقّنَ أنّهُ
                                                                            مِنْ بَطْنِ طَيرِ تَنُوفَةٍ مَحْشُورُ
                                                                    لم تثْنَ في طَلَبٍ أعِنّةُ خَيْلِهِمْ
                                                                            إلاّ وعُمْرُ طَريدِها مَبْتُورُ
                                                                    يَمّمْتُ شَاسِعَ دارِهِمْ عَنْ نيّةٍ
                                                                            إنّ المُحِبّ عَلى البِعادِ يَزُورُ
                                                                    وقَنِعْتُ باللّقْيا وأوّلِ نَظْرَةٍ
                                                                            إنّ القَليلَ مِنَ الحَبيبِ كَثيرُ