لئن تك طيء كانت لئاما - المتنبي
لَئِنْ تَكُ طَيّءٌ كَانَتْ لِئَاماً
                                                                            فألأمُهَا رَبِيعَةُ أوْ بَنُوهُ
                                                                    وَإنْ تَكُ طَيّءٌ كانَتْ كِراماً
                                                                            فَوَرْدانٌ لِغَيرِهِمِ أبُوهُ
                                                                    مَرَرْنَا مِنْهُ في حِسْمَى بعَبْدٍ
                                                                            يَمُجّ اللّؤمَ مَنْخِرُهُ وَفُوهُ
                                                                    أشَذَّ بعِرْسِهِ عَنّي عَبيدي
                                                                            فأتْلَفَهُمْ وَمَالي أتْلَفُوهُ
                                                                    فإنْ شَقِيَتْ بأيديهِمْ جِيادي
                                                                            لَقد شَقِيَتْ بمُنصُليَ الوُجُوهُ
                                                                    فُدِيتَ بمَاذا يُسَرُّ
                                                                            وَأنتَ الصّحيحُ بذا لا العَليلُ
                                                                    عَوَاقِبُ هَذا تَسُوءُ العَدُوَّ
                                                                            وَتَثْبُتُ فيهِمْ وَهذا يَزُولُ
                                                                    رَأى خَلّتي من حَيثُ يخفَى مكانُهَا
                                                                            فكانَتْ قَذَى عَينَيهِ حتى تجَلّتِ
                                                                    أتُنْكِرُ يا ابنَ إسْحَقٍ إخائي
                                                                            وتَحْسَبُ ماءَ غَيرِي من إنائي؟
                                                                    أأنْطِقُ فيكَ هُجْراً بعدَ عِلْمي
                                                                            بأنّكَ خَيرُ مَن تَحْتَ السّماءِ
                                                                    وأكْرَهُ مِن ذُبابِ السّيفِ طَعْماً
                                                                            وأمْضَى في الأمورِ منَ القَضاءِ
                                                                    ومَا أرْبَتْ على العِشْرينَ سِنّي
                                                                            فكَيفَ مَلِلْتُ منْ طولِ البَقاءِ؟
                                                                    وما استَغرقتُ وَصْفَكَ في مَديحي
                                                                            فأنْقُصَ مِنْهُ شَيئاً بالهِجَاءِ
                                                                    وهَبْني قُلتُ: هذا الصّبْحُ لَيْلٌ
                                                                            أيَعْمَى العالمُونَ عَنِ الضّياءِ؟
                                                                    تُطيعُ الحاسِدينَ وأنْتَ مَرْءٌ
                                                                            جُعِلْتُ فِداءَهُ وهُمُ فِدائي
                                                                    وهاجي نَفْسِهِ مَنْ لم يُمَيّزْ
                                                                            كَلامي مِنْ كَلامِهِمِ الهُراءِ
                                                                    وإنّ مِنَ العَجائِبِ أنْ تَراني
                                                                            فَتَعْدِلَ بي أقَلّ مِنَ الهَبَاءِ
                                                                    وتُنْكِرَ مَوْتَهُمْ وأنا سُهَيْلٌ
                                                                            طَلَعْتُ بمَوْتِ أوْلادِ الزّناءِ
                                                                    أنَا عاتِبٌ لتَعَتّبِكْ
                                                                            مُتَعَجّبٌ لتَعَجّبِكْ
                                                                    إذ كُنتُ حينَ لَقيتَني
                                                                            مُتَوَجّعاً لتَغَيُّبِكْ
                                                                    فَشُغِلْتُ عَنْ رَدّ السّلا
                                                                            مِ وكانَ شُغلي عنكَ بكْ
                                                                    وَلا عَيبَ فيهم غيرَ أنّ سُيوفَهمْ
                                                                            بهِنّ فُلُولٌ مِن قِرَاعِ الكتائِبِ
                                                                    تُخُيِّرْنَ من أزمانِ يوْمِ حَليمَةٍ
                                                                            إلى اليوْم قد جُرِّبْنَ كلّ التّجارِبِ