أينفع في الخيمة العذل - المتنبي
أيَنفع في الخَيْمَةِ العُذّلُ
                                                                            وَتَشْمَلُ مَن دَهرَها يَشمَلُ
                                                                    وَتَعْلُو الذي زُحَلٌ تَحْتَهُ
                                                                            مُحالٌ لَعَمْرُكَ مَا تُسألُ
                                                                    فَلِمْ لا تَلُومُ الذي لامَهَا
                                                                            وَمَا فَصُّ خاتَمِهِ يَذْبُلُ
                                                                    تَضِيقُ بشَخْصِكَ أرجاؤهَا
                                                                            وَيَركُض في الواحِدِ الجَحفَلُ
                                                                    وَتَقصُرُ ما كُنتَ في جَوفِهَا
                                                                            وَيُركَزُ فيها القَنَا الذُّبَّلُ
                                                                    وَكَيفَ تَقُومُ على راحَةٍ
                                                                            كَأنّ البِحارَ لَهَا أُنْمُلُ
                                                                    فَلَيْتَ وَقَارَكَ فَرّقْتَهُ
                                                                            وَحَمّلْتَ أرضَكَ مَا تَحْمِلُ
                                                                    فَصارَ الأنَامُ بِهِ سَادَةً
                                                                            وَسُدْتَهُمُ بالّذي يَفْضُلُ
                                                                    رَأت لَونَ نُورِكَ في لَونِهَا
                                                                            كَلَونِ الغَزَالَةِ لا يُغْسَلُ
                                                                    وَأنّ لَهَا شَرَفاً بَاذِخاً
                                                                            وَأنّ الخِيامَ بِها تَخجَلُ
                                                                    فَلا تُنْكِرَنّ لَها صَرعَةً
                                                                            فَمِن فَرَحِ النّفسِ ما يَقتُلُ
                                                                    وَلَو بُلّغَ النّاسُ ما بُلّغَت
                                                                            لخانَتْهُمُ حَولَكَ الأرجُلُ
                                                                    وَلمّا أمَرتَ بتَطْنيبِهَا
                                                                            أُشيعَ بأنّكَ لا تَرحَلُ
                                                                    فَمَا اعْتَمَدَ الله تَقْويضَهَا
                                                                            وَلَكِنْ أشارَ بِما تَفْعَلُ
                                                                    وَعَرّفَ أنّكَ مِن هَمّهِ
                                                                            وَأنّكَ في نَصْرِهِ تَرفُلُ
                                                                    فَمَا العَانِدُونَ وَما أثّلُوا
                                                                            وَمَا الحَاسِدُونَ وما قَوّلُوا
                                                                    هُمُ يَطْلُبُونَ فَمَا أدرَكُوا
                                                                            وَهُمْ يَكْذِبُونَ فمَن يَقْبَلُ
                                                                    وَهُمْ يَتَمَنّوْنَ مَا يَشْتَهُونَ
                                                                            وَمِن دونِهِ جَدُّكَ المُقْبِلُ
                                                                    وَمَلْمُومَةٌ زَرَدٌ ثَوبُهَا
                                                                            وَلَكِنّهُ بالقَنَا مُخْمَلُ
                                                                    يُفاجىءُ جَيْشاً بِهَا حَيْنُهُ
                                                                            وَيُنْذِرُ جَيْشاً بِهَا القَسطَلُ
                                                                    جَعَلْتُكَ في القَلْبِ لي عُدّةً
                                                                            لأنّكَ في اليَدِ لا تُجْعَلُ
                                                                    لَقَد رَفَعَ الله مِن دَولَةٍ
                                                                            لهَا مِنْكَ يا سَيفَها مُنصُلُ
                                                                    فإن طُبِعَت قَبلَكَ المُرهَفَاتُ
                                                                            فإنّكَ مِن قَبْلِها المِقْصَلُ
                                                                    وَإن جادَ قَبْلَكَ قَومٌ مَضَوا
                                                                            فإنّكَ في الكَرَمِ الأوّلُ
                                                                    وَكَيْفَ تُقَصّرُ عَن غايَةٍ
                                                                            وَأُمّكَ مِن لَيْثِهَا مُشْبِلُ
                                                                    وَقَد وَلَدَتْكَ فَقَالَ الوَرَى
                                                                            ألم تَكُنِ الشّمسُ لا تُنْجَلُ
                                                                    فَتَبّاً لِدِينِ عَبيدِ النّجومِ
                                                                            وَمَن يَدّعي أنّهَا تَعْقِلُ
                                                                    وَقَد عَرَفَتْكَ فَمَا بَالُهَا
                                                                            تَراكَ تَراهَا ولا تَنْزِلُ
                                                                    وَلَو بِتُّمَا عِنْدَ قَدْرَيْكُمَا
                                                                            لَبِتَّ وأعْلاكُمَا الأسْفَلُ
                                                                    أنَلْتَ عِبادَكَ مَا أمّلَت
                                                                            أنَالَكَ رَبُّكَ مَا تَأمُلُ