فكفي أراني ويك لومك ألوما - المتنبي
فكُفّي! أرَاني، وَيْكِ، لَوْمَكِ ألوَما
                                                                            هَمٌّ أقَامَ عَلى فُؤادٍ أنْجَمَا
                                                                    وَخيَالُ جِسْمٍ لم يُخَلّ له الهَوَى
                                                                            لَحْماً فَيُنْحِلَهُ السّقامُ وَلا دَمَا
                                                                    وَخُفوقُ قَلْبٍ لَوْ رَأيتِ لَهِيبَهُ
                                                                            يا جَنّتي لَظَنَنْتِ فيهِ جَهَنّمَا
                                                                    وَإذا سَحابَةُ صَدّ حِبٍّ أبْرَقَتْ
                                                                            تَرَكَتْ حَلاوَةَ كُلّ حُبٍّ عَلقَمَا
                                                                    يَا وَجْهَ داهِيَةَ الّذي لَوْلاكَ مَا
                                                                            أكلَ الضّنى جسدي وَرَضّ الأعظُمَا
                                                                    إنْ كَانَ أغْنَاهَا السُّلُوُّ فإنّني
                                                                            أمْسَيتُ مِنْ كَبِدي وَمنها مُعْدِمَا
                                                                    غُصْنٌ عَلى نَقَوَيْ فَلاةٍ نَابِتٌ
                                                                            شمسُ النّهارِ تُقِلُّ لَيلاً مُظْلِمَا
                                                                    لمْ تُجْمَعِ الأضدادُ في مُتَشَابِهٍ
                                                                            إلاّ لتَجْعَلَني لغُرْمي مَغْنَمَا
                                                                    كَصِفاتِ أوْحَدِنَا أبي الفَضْلِ التي
                                                                            بَهَرَتْ فأنْطَقَ وَاصِفِيهِ وَأفْحَمَا
                                                                    يُعْطيكَ مُبْتَدِراً فإنْ أعْجَلْتَهُ
                                                                            أعطاكَ مُعْتَذِراً كَمَنْ قد أجرَمَا
                                                                    وَيَرَى التّعَظّمَ أن يُرَى مُتَواضِعاً
                                                                            وَيَرَى التّواضُعَ أنْ يُرَى مُتَعَظِّمَا
                                                                    نَصَرَ الفَعالَ عَلى المِطالِ كأنّمَا
                                                                            خَالَ السّؤالَ عَلى النّوالِ مُحَرَّمَا
                                                                    يا أيّهَا المَلَكُ المُصَفّى جَوْهَراً
                                                                            من ذاتِ ذي المَلكوتِ أسمى من سَمَا
                                                                    نُورٌ تَظاهَرَ فِيكَ لاهُوتِيُّهُ
                                                                            فتَكادُ تَعْلَمُ عِلْمَ ما لَنْ يُعْلَمَا
                                                                    وَيَهِمُّ فيكَ إذا نَطَقْتَ فَصاحَةً
                                                                            من كُلّ عُضوٍ مِنكَ أنْ يَتَكَلّمَا
                                                                    أنَا مُبْصِرٌ وَأظُنّ أنّي نَائِمٌ
                                                                            مَنْ كانَ يَحْلُمُ بالإلَهِ فأحْلُمَا
                                                                    كَبُرَ العِيَانُ عَليّ حتى إنّهُ
                                                                            صارَ اليَقِينُ مِنَ العِيانِ تَوَهُّمَا
                                                                    يَا مَنْ لجُودِ يَدَيْهِ في أمْوالِهِ
                                                                            نِقَمٌ تَعُودُ على اليَتَامَى أنْعُمَا
                                                                    حتى يَقُولُ النّاسُ مَا ذا عَاقِلاً
                                                                            وَيَقولُ بَيْتُ المالِ مَا ذا مُسْلِمَا
                                                                    إذكارُ مِثْلِكَ تَرْكُ إذكاري لَهُ
                                                                            إذْ لا تُرِيدُ لِمَا أُريدُ مُتَرْجِمَا