ومنزل ليس لنا بمنزل - المتنبي
ومَنْزِلٍ لَيسَ لَنَا بمَنْزِلِ
                                                                            ولا لغَيرِ الغَادِياتِ الهُطَّلِ
                                                                    نَدِيْ الخُزامَى أذْفَرِ القَرَنْفُلِ
                                                                            مُحَلَّلٍ مِلْوَحْشِ لم يُحَلَّلِ
                                                                    عَنّ لَنا فيهِ مُراعي مُغْزِلِ
                                                                            مُحَيَّنُ النّفسِ بَعيدُ المَوْئِلِ
                                                                    أغناهُ حُسنُ الجيدِ عن لُبسِ الحلي
                                                                            وعادَةُ العُرْيِ عَنِ التّفَضّلِ
                                                                    كأنّهُ مُضَمَّخٌ بصَنْدَلِ
                                                                            مُعْتَرِضاً بمِثْلِ قَرْنِ الأيّلِ
                                                                    يَحُولُ بَينَ الكَلْبِ والتأمّلِ
                                                                            فَحَلَّ كَلاّبي وِثَاقَ الأحْبُلِ
                                                                    عَن أشْدَقٍ مُسَوْجَرٍ مُسَلسَلِ
                                                                            أقَبَّ ساطٍ شَرِسٍ شَمَرْدَلِ
                                                                    مِنْها إذا يُثْغَ لَهُ لا يَغْزَلِ
                                                                            مُؤجَّدِ الفِقْرَةِ رِخْوِ المَفْصِلِ
                                                                    لَهُ إذا أدْبَرَ لَحْظُ المُقْبِلِ
                                                                            كأنّما يَنظُرُ مِنْ سَجَنْجَلِ
                                                                    يَعْدو إذا أحْزَنَ عَدْوَ المُسْهِلِ
                                                                            إذا تَلا جَاءَ المَدى وقَدْ تُلي
                                                                    يُقْعي جُلُوسَ البَدَويّ المُصْطَلي
                                                                            بأرْبَعٍ مَجْدولَةٍ لَمْ تُجْدَلِ
                                                                    فُتْلِ الأيادي رَبِذاتِ الأرْجُلِ
                                                                            آثارُها أمْثالُها في الجَنْدَلِ
                                                                    يَكادُ في الوَثْبِ مِنَ التّفَتّلِ
                                                                            يَجْمَعُ بينَ مَتْنِهِ والكَلْكَلِ
                                                                    وبَينَ أعْلاهُ وبَينَ الأسْفَلِ
                                                                            شَبيهُ وسْميّ الحِضارِ بالوَلي
                                                                    كأنّهُ مُضَبَّرٌ مِنْ جَرْوَلِ
                                                                            مُوَثَّقٌ على رِماحٍ ذُبّلِ
                                                                    ذي ذَنَبٍ أجْرَدَ غَيرِ أعْزَلِ
                                                                            يخطّ في الأرْضِ حسابَ الجُمّلِ
                                                                    كأنّهُ مِنْ جِسْمِهِ بمَعْزِلِ
                                                                            لوْ كانَ يُبلي السّوْطَ تحريكٌ بَلي
                                                                    نَيلُ المُنى وحُكمُ نَفسِ المُرْسِلِ
                                                                            وعُقْلَةُ الظّبي وحَتفُ التَّتفُلِ
                                                                    فانْبَرَيا فَذيّنِ تحتَ القَسطَلِ
                                                                            قَد ضَمِنَ الآخِرُ قَتلَ الأوّلِ
                                                                    في هَبوَةٍ كِلاهُما لم يَذْهَلِ
                                                                            لا يأتَلي في تَرْكِ أنْ لا يأتَلي
                                                                    مُقْتَحِماً على المَكانِ الأهْوَلِ
                                                                            يخالُ طُولَ البحرِ عَرْض الجدولِ
                                                                    حتى إذا قِيلَ لهُ نِلْتَ افْعَلِ
                                                                            إفْتَرّ عن مَذرُوبَةٍ كالأنْصُلِ
                                                                    لا تَعْرِفُ العَهدَ بصَقلِ الصّيقلِ
                                                                            مُرَكَّباتٍ في العَذابِ المُنْزَلِ
                                                                    كأنّها من سُرْعَةٍ في الشّمْألِ
                                                                            كأنّها مِنْ ثِقَلٍ في يَذْبُلِ
                                                                    كأنّها مِن سَعَةٍ في هَوْجَلِ
                                                                            كأنّهُ مِنْ عِلْمِهِ بالمَقتَلِ
                                                                    عَلّمَ بُقْراطَ فِصادَ الأكْحَلِ
                                                                            فَحالَ ما للقَفْزِ للتَجَدّلِ
                                                                    وصارَ ما في جِلْدِهِ في المِرْجَلِ،
                                                                            فلم يَضِرْنا مَعْهُ فَقدُ الأجدَلِ
                                                                    إذا بَقيتَ سالماً أبَا عَلي
                                                                            فالمُلْكُ لله العَزيزِ ثُمّ لي