أرى ذلك القرب صار ازورارا - المتنبي
أرى ذلكَ القُرْبَ صارَ ازْوِرارَا
                                                                            وَصارَ طَوِيلُ السّلامِ اختِصارَا
                                                                    تَرَكْتَنيَ اليَوْمَ في خَجْلَةٍ
                                                                            أمُوتُ مِراراً وَأحْيَا مِرارَا
                                                                    أُسَارِقُكَ اللّحْظَ مُسْتَحْيِياً
                                                                            وَأزْجُرُ في الخَيلِ مُهري سِرارَا
                                                                    وَأعْلَمُ أنّي إذا ما اعتَذَرْتُ
                                                                            إلَيْكَ أرَادَ اعْتِذاري اعتِذارَا
                                                                    كَفَرْتُ مَكارِمَكَ البَاهِرا
                                                                            تِ إنْ كانَ ذلكَ مني اخْتِيارَا
                                                                    وَلَكِنْ حَمَى الشّعْرَ إلاّ القَليـ
                                                                            ـلَ هَمٌّ حَمَى النّوْمَ إلاّ غِرارَا
                                                                    وَما أنَا أسقَمْتُ جسمي بِهِ
                                                                            وَلا أنَا أضرَمتُ في القلبِ نَارَا
                                                                    فَلا تُلزِمَنّي ذُنُوبَ الزّمَانِ،
                                                                            إلَيّ أسَاءَ وَإيّايَ ضَارَا
                                                                    وَعِنْدي لَكَ الشُّرُدُ السّائِرا
                                                                            تُ لا يختَصِصْنَ منَ الأرْضِ دارَا
                                                                    قَوَافٍ إذا سِرْنَ عَنْ مِقْوَلي
                                                                            وَثَبْنَ الجِبالَ وَخُضْنَ البِحارَا
                                                                    وَلي فيكَ مَا لم يَقُلْ قَائِلٌ
                                                                            وَمَا لم يَسِرْ قَمَرٌ حَيثُ سَارَا
                                                                    فَلَوْ خُلِقَ النّاسُ منْ دَهرِهِمْ
                                                                            لَكانُوا الظّلامَ وَكنتَ النّهارَا
                                                                    أشَدُّهُمُ في النّدَى هِزّةً
                                                                            وَأبْعَدُهُمْ في عَدُوٍّ مُغَارَا
                                                                    سَمَا بكَ هَمّيَ فوْقَ الهُمومِ
                                                                            فَلَسْتُ أعُدُّ يَسَاراً يَسَارَا
                                                                    وَمَنْ كنتَ بَحْراً لَهُ يا عَليُّ
                                                                            لَمْ يَقْبَلِ الدُّرَّ إلاّ كِبَارَا