يُعنِّفني أن أنْ أطَلْتُ النَّحيبَا - السري الرفاء
يُعنِّفني أن أنْ أطَلْتُ النَّحيبَا
                                                                            و أسكُبُ للبَيْنِ دمعاً سَكوبا
                                                                    وَ أَدْنَى المُحبِّين مِنْ نحبِه
                                                                            مُحِبٌّ بكى يومَ بَيْنٍ حَبيبا
                                                                    دعا دمعَه ودعَتْ دمعَها
                                                                            فبلَّلَ منها ومنه الجُيوبا
                                                                    فتاة ٌ رمتْه بِسَهْمِ الجفونِ
                                                                            و مدَّت إليه بَناناً خَضيبا
                                                                    فعاينَ منهم غزالاً رَبيباً
                                                                            و بَدراً مُنيراًو غُصْناً رَطيبا
                                                                    و عَهْدي بها لا تُديمُ الصدودَ
                                                                            و لا تتجنَّى عليَّ الذُنوبا
                                                                    لياليَ لا وَصلُنا خِلسة ً
                                                                            نراقبُ للخوفِ فيها الرَّقيبا
                                                                    و لا برقُ لذَّاتِنا خُلَّبٌ
                                                                            إذا ما دعَونا لوصلٍ قُلوبا
                                                                    و كم لي وللبَيْنِ من مَوقِفٍ
                                                                            يُميتُ بِلَحْظِ العيونِ القُلوبا
                                                                    إذا شَهَرَ اللَّحْظُ أسيافَهُ
                                                                            تدرَّعْتُ للصَّبرِ بُرداً قَشيبا
                                                                    كأنِّيَ في هَبْوَتَيْه ابنُ فَهْدٍ
                                                                            إذا اليومُ أصبحَ يوماً عَصيبا
                                                                    فَتى ً يَسْتَقِلُّ جَزيلَ الثَّوابِ
                                                                            سَماحاً لمن جاءه مُستَثيبا
                                                                    و يُربي على سُنَنِ المكرُماتِ
                                                                            فيُظْهِرُ فيهنَّ مجداً غَريبا
                                                                    و تَلقاه مبتسماً واضحاً
                                                                            إذا ما الحوادثُ أبدَتْ قُطوبا
                                                                    كريمٌ إذا خابَ راجي النَّدى
                                                                            حَمَتْنا مكارمُه أن نَخيبا
                                                                    رأى لحظُه ما تُجِنُّ الصُّدورُ
                                                                            فخِلناه يعلمُ منها الغُيوبا
                                                                    بعيدٌإذا رُمْتَ إدراكَهُ
                                                                            و إن كانَ في الجُودِ سهلاً قريبا
                                                                    نَمَتْهُ من الأَزدِ صِيدُ المُلوكِ
                                                                            و ما زال يَنْمِي النَّجيبُ النَّجيبا
                                                                    سَلِمتَ سلامَة ُ للمَكْرُماتِ
                                                                            و ما زِلْتَ تَبسُطُ باعاً رَحيبا
                                                                    تَزُفُّ إليك تِجارُ المديحِ
                                                                            عَذارى تَروقُكَ حُسْناً وطِيبا
                                                                    فكم لك من سُؤدُدٍ كالعبيرِ
                                                                            أصابّ من المدحِ ريحاً جَنوبا
                                                                    و رأيٍ يُكشِّفُ ليل الخُطوبِ
                                                                            ضياءًإذا الخَطْبُ أعيا اللَّبيبا
                                                                    و مُشتمِلٍ بنِجادِ الحُسامِ
                                                                            يَفُلُّ شبا الحربِ بأساً مَهيبا
                                                                    ملأْتَ جوانِحَه رَهبة ً
                                                                            فأطرقَو القلبُ يُبدي وَجيبا
                                                                    كسوْتَ المكارمَ ثوبَ الشَّبابِ
                                                                            و قد كُنَّ أُلبِسْنَ فينا المَشيبا
                                                                    ضرائبُ أبدَعْتَها في السَّماحِ
                                                                            فلَسْنا نرى لك فيها ضَريبا
                                                                    تَخلَّصْتَني من يَدِ النَّائباتِ
                                                                            و أحلَلْتَني منك رَبعاً خَصيبا
                                                                    و مُلِّكْتَ مَدحي كما مُلِّكَتْ
                                                                            بنو هاشمٍ بُرْدَها والقّضيبا
                                                                    و أنَّى لواردِ بحرِ القريضِ
                                                                            إذا وردَ المادحون القَليبا
                                                                    و لسْتُ كمَنْ يَستردُّ المديحَ
                                                                            إذا ما كساه الكريمَ المُثِيبا
                                                                    يُحلِّي بمَدْحَتِه غيرَه
                                                                            فيُمسي مُحلًّى ويُضحي سَليبا