ما لي لا يرحمني من أرحمه - البحتري
مَا ليَ لا يَرْحَمُنِي مَنْ أَرحَمُهْ
                                                                            يَظْلِمُ بالهِجْرانِ مَنْ لا يَظْلِمُهْ
                                                                    يُخْطِىءُ سَهْمِي ، وتُصِبيبُ أَسْهُمُهْ
                                                                            وَإِنَّما أَسْقَمَ قَلْبِي مُسْقِمُهْ
                                                                    أَسْلَمَهُ لِلزَّعْفَرَانِ مُسْلِمُهْ
                                                                            أَحْسَنُ مَنْ تَحْمِلُ نَعْلاً قَدَمُهْ
                                                                    لكِنَّهُ يَصْرِمُ مَنْ لا يَصْرِمُهْ
                                                                            يُهِينُهُ طَوْراً ، وطَوْراً يُكْرِمُهْ
                                                                    وتَارَةً يَرْزُقُهُ ويَحْرِمُهْ
                                                                            بَدْرٌ بَدَا فانْجَابَ عَاْهُ ظُلَمُهْ
                                                                    وَإِنَّما لُؤْلُؤَةٌ تَبَسُّمُهْ
                                                                            مَا غَرَّ دَهْراً رابَنِيِ تَغَشُّمُهْ
                                                                    وكانَ لا يَهْدِمُني وأَهْدِمُهْ
                                                                            أَيَّامَ لِي مُبْشَرُهُ ومُؤْدَمُهْ
                                                                    أَيَّامَ رأسِي كالغُرابِ أَسْحَمُهْ
                                                                            يُتيِّمُ الرِّيمَ ولا يُتَيِّمُهْ
                                                                    ورُبَّما زَلَّتْ بِحُرٍّ قَدَمُهْ
                                                                            والحُرُّ لا يأَخُذُ منهُ عَدَمُهْ
                                                                    ولا يَزِيدُ فِي اللَّئيمِ دِرْهَمُهْ
                                                                            ومَهْمَهٍ مِثْلِ الفَنِيقِ عَلَمُهْ
                                                                    يصْدَحُ فِيهِ هامُهُ وبُوَمُهْ
                                                                            وقد تَرَدَّى بالسَّرابِ أَكَمُهْ
                                                                    يَلْطِمُنَا عِفْرِيتُهُ ونَلْطِمُهْ
                                                                            واللَّيلُ غِرْبِيبُ القَمِيصِ أَدْهَمُهْ
                                                                    إِلى الإِمامِ لا تجُفُّ قُذُمُهْ
                                                                            مِنْ عاجِلٍ أَو آجِلٍ يُقَدِّمُهْ
                                                                    إِنَّ أَبا إِسحاقَ عَمَّتْ نِعَمُهْ
                                                                            وجَعْجَعَتْ بالنَّاكِثِينَ نِقَمُهْ
                                                                    خَلِيفَةٌ يَعْلَمُ ما لا نَعْلَمُهْ
                                                                            نِيطَتْ بأَعْلَى النَّجْمِ قِدْماً هِمَمُهْ
                                                                    وطابَ منهُ خِسمُهُ وشِيَمُهْ
                                                                            لو كلَّمَ اللهُ إِماماً كَلِمُهْ
                                                                    إِمامُ عَدْلٍ كُلُّ فَضْلٍ تَوْأَمُهْ
                                                                            ثُمَّ حَكِيمٌ أَدَّبَتْنَا حِكَمُهْ
                                                                    يُلْهَمُ ما كَانَ الرَّشيدُ يُلْهَمُهْ
                                                                            قامَ بهِ الدِّينُ وقَامَتْ دُعُمُهْ
                                                                    وصَالَحَ السِّمْعِ الأَزَلَّ غَنَمُهْ
                                                                            يا ناصرَ الإِسلامِ أَنْتَ سَلَمُهْ
                                                                    يُثْنِي عَلَيْكَ حِلُّهُ وحَرَمُهْ
                                                                            ومِثْلَهُ حَطِيمُهُ وزَمْزَمُهْ
                                                                    كم مِنْ عَدُوٍّ لَكَ مَطْلُولٍ دَمُهْ
                                                                            يَرْعَى النُّجُومَ ، والنُّجُومُ تَرْجُمُهْ
                                                                    أَنْتَ أَمِينُ اللهِ لا تُجَمْجمُهْ
                                                                            وفي الحَدِيثِ والقَدِيمِ كَرَمُهْ
                                                                    وخَيْرُ بُنْيانِ المُلُوكِ أَقْدَمُهْ
                                                                            والشَّامِخُ البَاذِخُ مِنْهُ قَشْعَمُهْ