ما لذا الظبي لا ينال اقتناصه - البحتري
ما لِذا الظّبْيِ لا ينالُ اقتِنَاصُهْ،
                                                                            وَهْوَ بالقُرْبِ بَيّنٌ إفْرَاصُهْ
                                                                    باتَ تَختَصُّهُ النّفُوسُ، وَمِنْ حبٍّ
                                                                            تحَلّى إلى النّفُوسِ اخْتِصَاصُهْ
                                                                    مُرْهَفٌ ما ثَنَى التّبَسّمَ، إلاّ
                                                                            أشرَقَ البَيْتُ أوْ أنَارَ خَصَاصُهْ
                                                                    كَثّرَ النّاسُ في هَوَانَا، وَقَالُوا
                                                                            فيهِ قَوْلاً يُرْضِي الوُشاةَ اقتصَاصُهْ
                                                                    مِنْ حَديثٍ تخَرّصُوهُ، وَقَدْ يُو
                                                                            قعُ شكّاً على الحَديثِ اخترَاصُهْ
                                                                    حُبَّ بالزُّورِ رَائحاً لعُيُونٍ،
                                                                            مَلأتْهَا، مَلاحَةً، أشخاصُهْ
                                                                    فتَنَتْني قُضْبَانُهُ، إذْ تَثَنّتْ،
                                                                            وَتَبَتّتْ، ثَقيلَةً، أدْعَاصُهْ
                                                                    لُؤلؤٌ أُعطيَ النّفَاسَةَ، حَتّى
                                                                            أُعطِيَتْ، فوْقَ حُكمِها، غُوّاصُهْ
                                                                    مَن يُودِّي قَولي إلى الشَّاه، والشَّا
                                                                            هُ رفيعُ الفَعَال، سروٌ مُصَاصُهْ
                                                                    رُبّ سَفرٍ أتَاكَ غَرْثانَ مِنْ زَا
                                                                            دِ اللُّهَى أُشبِعَتْ نَوَالاً خِماصُهْ
                                                                    وَمَكَرٍّ شَهِدْتَهُ، فغَدا قِرْ
                                                                            نُكَ فيهِ مُغَلِّساً إقْعَاصُهْ
                                                                    يَتَبَغّى العَدُوُّ فيه مَنَاصاً،
                                                                            يتَوَقّى بهِ، وَأيْنَ مَنَاصُهْ
                                                                    خُلُقٌ يَسْتَنيرُ، كالذّهَبِ الرّا
                                                                            ئِقِ حُسناً، إبْرِيزُهُ وَخِلاصُهْ
                                                                    وَاحِدَ العَهْدِ في تَنَقّلِ قَوْمٍ،
                                                                            ظاهِر عَنْ نِفَاقِهِمْ إخْلاصُهْ
                                                                    سَيّدٌ يغتَدي وَفَيضُ الغَوَادي
                                                                            فَيضُ إغزَارِ جُودِهِ وَقِصَاصُهْ
                                                                    مُتَداني الثُّغْبَانِ، إذْ ليسَ للمَا
                                                                            تحِ إلاّ الثّرَى، وَإلاّ امتصَاصُهْ
                                                                    يَتَرَقّى، عَلى شَبَاةِ الأعَادي،
                                                                            دَرَجَ ازْدِيادُهُ، وَانْتِقاصُهْ
                                                                    يَتَدنَى رَبَابُهُ، حينَ يَنْأى
                                                                            مُسْتَقِلاًّ على العُيونِ نَشاصُهْ
                                                                    بَسطَةٌ في السّلاحِ يَعجِزُ عَنها
                                                                            سابغُ السرْدِ زَغْفُهُ، وَدِلاصُهْ
                                                                    بَسطَةُ الرّمحِ، إذْ تَمَهَّلُ منها
                                                                            مارِنُ المَتنِ، في الوَغى، عَرّاصُهْ
                                                                    ذاهبٌ في عَمائرِ الغِرْشِ وَالغَوْ
                                                                            رِ، إلى مَنكِبٍ زَكتْ أعيَاصُهْ
                                                                    في رِبَاعٍ، تَرْتَادُ عَيْنُكَ فيهَا
                                                                            حُلَلَ المُلْكِ مُفْضِياتٍ عِرَاصُهْ
                                                                    شَرَفٌ يُمغِصُ الحَسودَ، وَمِن أد
                                                                            نَى جَزَاءٍ لحاسِدٍ إمْغَاصُهْ
                                                                    يا أبَا غَانِمٍ! بَقيتَ لإغْلا
                                                                            ءِ مَديحٍ تَجزِي الكِرَامَ ارْتخاصُهْ
                                                                    كَمْ وَجَدْناكَ عندَ آمَالِ رَكْبٍ
                                                                            رَاغبٍ، أوْجَفتْ إلَيكَ قِلاصُهْ
                                                                    أفرَصَتْ حاجةٌ إلَيكَ، وَقَد يَدْ
                                                                            عُو أخَا حَاجَةٍ إلَيْكَ افترَاصُهْ
                                                                    وَلَعَمْرِي، لَئِنْ أعَنْتَ لَقد ألْـ
                                                                            ـجَا إلى العَوْنِ يُونُسٌ وَعِفاصُهْ
                                                                    حاجةٌ، إنْ قضَيتَ فيها بأمر
                                                                            ذَلّ مأمُورُها وَقَلّ اعتِياصُهْ
                                                                    وَيَسيرٌ طِلابُ إنْصَافِ مَنْ لا
                                                                            ضُعْفُهُ مُعْوِزٌ، وَلا إمْصَاصُهْ