إن دعاه داعي الصبى فأجابه - البحتري
إنْ دَعَاهُ داعي الصبَى، فأجابَهْ
                                                                            وَرَمَى قَلْبَهُ الهوَى، فأصَابَهْ
                                                                    عِبْتَ مَا جَاءَهُ، وَرُبّ جَهُولٍ
                                                                            جَاءَ ما لاَ يُعَابُ يَوماً، فَعابَهْ
                                                                    لَيتَ شِعرِي غَداةَ يُغدَى بسُعدَى،
                                                                            أيّ شَيءٍ منَ الرَّبَابِ أرَابَهْ
                                                                    أهُوَ الجِدُّ منْ صَرِيمَةِ عَزْمٍ،
                                                                            أمْ هوَ الهَزْلُ في الهَوَى والدُّعَابَهْ
                                                                    خَوْنُ عَينٍ لمْ أحْتَسبْهُ، وَقَلْبٍ
                                                                            لمْ أخَفْ، يَوْمَ رَامَتَينِ، انقِلاَبَهْ
                                                                    بَاتَ يَخشَى على البعادِ اجْتِنَابي،
                                                                            شِقُّ نَفسٍ قد كنتُ أخشَى اجتنَابَهْ
                                                                    صَافحاً عَنْ خَفيّ ذَنْبٍ، وَقد صَا
                                                                            فَحتُ، في ساعةِ الوَداعِ، خِضَابَهْ
                                                                    رَشَأٌ إنْ أَعَادَ كَرَّ بلَحْظٍ
                                                                            أشعَلَ القَلْبَ مُضْنِياً، أو أذَابَهْ
                                                                    لمْ يَدَعْ بَيْنَنا التّبَاعُدُ، إلاّ
                                                                            ذِكْرَةً أوْ زِيَارَةً عَنْ جَنَابَهْ
                                                                    قَلّ خَيرُ الإخواّنِ، إلاّ مُعِزٌّ
                                                                            عَن تناءٍ، أو عَائِدٌ من صَبَابَهْ
                                                                    إنْ تَسَلْني عَنِ الشّبَابِ المُوَلّي،
                                                                            فَهُوَ القَارِظُ انتظَرْتُ إيَابَهْ
                                                                    غض عيش زالت غمامته عنــ
                                                                            ــي، ومن بالغمامة المنجابه
                                                                    يغنم الموجز الهجوم على الأمــ
                                                                            ــر، ويكدي المطاول الهيابة
                                                                    وَخَليلٍ دَعَوْتُهُ للمَعَالِي،
                                                                            وَهيَ دونَ الطُرَّاقِ تطرَق بَابَهْ
                                                                    هُمَّ عَنْ دَعوَتي، وَمَن ساءَ سمعاً
                                                                            في مَوَاضِي أمْثَالهمْ ساءَ جَابَهْ
                                                                    عَجَبٌ، منه يَوْمَ ذاكَ، وَمنّي،
                                                                            يَتَقَصّى بالضّاحكِ استغرَابَهْ
                                                                    لا تَخَفْ عَيْلَتي، وتلكَ القَوَافي
                                                                            بَيْتُ مَالٍ إنْ أخَافَ ذَهَابَهْ
                                                                    كَمْ عَزِيزٍ حَرَبنَ منْ غَيرِ ذُلٍّ
                                                                            مالَهُ، أو نَزَعنَ عَنهُ ثيَابَهْ
                                                                    قد مَدَحْنا إيوَانَ كسرَى، وَجئنا
                                                                            نَستَثيبُ النُّعْمَى من ابنِ ثَوَابَهْ
                                                                    بَيْتُ فَخْرٍ كانَ الغنى لوْ يُوَافي
                                                                            زَائرُ البَيْتِ عندَهُ أرْبَابَهْ
                                                                    وإذا ما أَلطّ بالحَقّ قَوْمٌ،
                                                                            فَمنَ الحَقّ أنْ تَنُوبَ القَرَابَهْ
                                                                    أنْتُمُ منْهُمُ خَلا ما لَبستُمْ
                                                                            بَعدَهمْ منْ مُعَارِ زِيّ الكتابَهْ
                                                                    هِمَمٌ في السّمَاءِ تَذهَبُ عَلْواً،
                                                                            وَرِبَاعٌ مَغشِيّةٌ، مُنْتَابَهْ
                                                                    وأناس إنْ ضَيّعَ المجد قوم،
                                                                            حفظوا المجدَ إنْ يُضِيعُوا طِلاَبَهْ
                                                                    ما سَعَوْا يَخْلُفُونَ غَيرَ أبيهمْ،
                                                                            كلُّ ساعٍ منّا يُرِيدُ نِصَابَهْ
                                                                    جَمَعَتْهُمْ أُكْرُومَةٌ، لم يَجُوزُوا
                                                                            مُنتَهاها، جَمْعَ القِداحِ الرّبَابَهْ
                                                                    خُلُقٌ منْهُمُ تَرَدّدَ فيهمْ،
                                                                            وَلِيَتْهُ عِصَابَةٌ عَنْ عِصَابَهْ
                                                                    كالحسامِ الجرَازِ يَبقى على الدّهـ
                                                                            ـرِ وَيُفني في كلّ عَصرٍ قِرَابَهْ
                                                                    ما تَسَامَتْ أخطارُ فارِسَ إلاّ
                                                                            مَلَكوا الفَرْعَ منهمِ، وَالذّؤابَهْ
                                                                    وإذا أحْمَدُ استُهلّ لنَيْلٍ،
                                                                            أكثَرَ النّيْلَ وَاهباً، وأطَابَهْ
                                                                    مَاثِلٌ في أُرُومَةِ المَجدِ تَرْضَى
                                                                            مُنْكَفَاهُ إلى النّدَى، وانصِبَابَهْ
                                                                    أرْتَجي عندَهُ فَوَاضِلَ نُعْمَى،
                                                                            ما ارْتَجَاهَا الشّمّاخُ عندَ عَرَابَهْ
                                                                    ماثل في أرومة المجد ترضى
                                                                            منكفاه إلى الندى وإنصبابه
                                                                    لمْ يُغادِ الظّما وَلم يَدرِ كَيفَ الـ
                                                                            ـريُّ مَنْ لم يُمْطَرْ بتلكَ السّحابَهْ
                                                                    إن جَرَى طالباً نهاية فخر
                                                                            أحْرَزَ السّبقَ، فائتاً أصْحَابَهْ
                                                                    ومضاه له تفنن حتى
                                                                            فايض البحر زاخراً بصبابه
                                                                    قُلتُ هَبْ شَرّ ما تُعَاني وَقَد يُنْـ
                                                                            ـجيكَ منْ شَرّ مُؤيِدٍ أنْ تَهَابَهْ
                                                                    وَمنَ النّقصِ أنْ تُشيدَ بفَضْلٍ
                                                                            نلْتَ مَدْخُولَهُ، وَنَالَ لُبَابَهْ
                                                                    إنْ تُرِدْ نَقْلَ بَيْتِهِ لا يُتَابِعْـ
                                                                            ـكَ شَرَوْرَى، وَلا يُطاوِعْكَ شابَهْ
                                                                    تَيّمَتْهُ عُرَى الأُمُورِ وَرَاقَتْـ
                                                                            ـهُ اسْتبَاءً للُبّهِ، وَخِلاَبَهْ
                                                                    وعلت أريحية منه تدنيــ
                                                                            ــه لأنس عن الحجى والمهابه
                                                                    سَلِسٌ بالَعَطَاءِ، حَتّى كأنّا
                                                                            نَبتَغي عندَهُ حجارَةَ لابَهْ
                                                                    هُوَ للرّاغبينَ عُمدَةُ آمَا
                                                                            لٍ كمَا البَيتُ للحَجيجِ مَثَابَهْ