غروب دمع من الأجفان تنهمل - البحتري
غُروبُ دَمْعِ مِنَ الأَجْفَانِ تَنْهَمِلُ
                                                                            وحُرْقَةٌ بِغَلِيلِ الحُزْنِ تَشْتَعِلُ
                                                                    ولَيسَ يُطْفِىءُ نار الحُزْنِ إِذ وَقَدَتْ
                                                                            عَلَى الجَوَانحِ إِلاَّ الوَاكِفُ الخَضِلُ
                                                                    إِنْ لَجَّ حُزْنٌ ، فَلا بِدْعٌ وَلاَ عَجَبٌ
                                                                            أَو قَلَّ صَبْرٌ ، فَلاَ لَوْمٌ ولاَ عَذَلُ
                                                                    عَمْرِي ، لقَدْ فَدَحَ الخَطْبُ الَّذي طَرَقَتْ
                                                                            بِهِ اللَّيَالِي ، وجَلَّ الحادِثُ الجَلَلُ
                                                                    لِلهِ أَيُّ يَدٍ بََانَ الحِمَامُ بها
                                                                            مِنَّا ، وأَيَّةُ نَفْسٍ غالَها الأَجَلُ
                                                                    سَيِّدَةُ النَّاسِ حَقًّا بَعْد سَيّدِهِمْ
                                                                            ومَنْ المأُثُرَاتُ الُّسبَّقُ الأُوَلُ
                                                                    جرَى لَهَا قَدَرٌ حَتْمٌ ، فَحلَّ بها
                                                                            مَكْرُوهُه ُ ، وقضاءٌ مُوشِكٌ عَجِلُ
                                                                    فَكُلُّ عَيْنٍ لَهَا مِن عَبْرَةٍ دِرَرٌ
                                                                            وكلُّ قَلْبٍ لهُ من حَسْرَةٍ شُغُلُ
                                                                    عَمَّ البُكَاءُ عَلَيْها والمُصَابُ بها
                                                                            كَمَا يَعُمُّ سَحَابُ الدِّيمَةِ الهَطَلُ
                                                                    فالشَّرْقُ والغَرْبُ مَغْمُورانِ مِن أَسَفٍ
                                                                            باقٍ لِفقْدَانِها ، والسَّهْلُ والجَبَلُ
                                                                    مَثُوبَةُ اللهِ مِمَّا فَارقَتْ عِوَضٌ
                                                                            وجَنَّةُ الخُلْدِ مِمَّا خَلَّفَتْ بَدَلُ
                                                                    قُلْ لْلإِمامِ الَّذي آلاَؤْهُ جُمَلٌ
                                                                            وبِشْرُهُ أَمَلٌ ، وسُخْطُهُ وَجَلُ
                                                                    لَكَ البَقَاءُ عَلَى الأَيامِ يَقْتَبِلُ
                                                                            والعُمْرُ بَمْتَدُّ بالنُّعْمَى ويَتَّصِلُ
                                                                    والنَّاسُ كلُّهُمُ في كُلِّ حَادِثَةٍ
                                                                            فِدَاءُ نَعْلِكَ أَنْ يَغْتَالَك الزَّلَلُ
                                                                    إِذا بَقْيتَ لِدِينِ اللهِ تَكُلأُهُ
                                                                            فَكُلُّ رُزْءٍ صَغِيرُ القَدْرِ مُحْتَمَلُ
                                                                    لَئِنْ رُزِيتَ الَّتِي ما مِثْلُها امْرَأَةٌ
                                                                            لَقَدْ أَتِيتَ الَّذي لَمْ يُؤْتَهُ رَجُلُ
                                                                    صبْراً ومَعْرِفَةً باللهِ صادِقةً ،
                                                                            والصَّبْرُ أَجْمَلُ ثَوْبٍ حِين يُبْتًذَلُ
                                                                    عَزَّيْتَ نَفْسَكَ عَنْهَا بالنَّبِيَّ ، ومَا
                                                                            في الخُلْدِ بَعْدَ النَّبِيِّ المُصْطَفَى أَمَلُ
                                                                    وَكَيْفَ نَرْجُو خُلُوداً لَمْ يُخَصَّ بهِ
                                                                            مِنْ قبْلِنَا أَنْبِياءُ اللهِ والرَّسْلُ
                                                                    عمَّرَكَ الله في النَّعْمَاءِ مُبْتَهِجاً
                                                                            بها ، وأَعْطَاكَ منْهَا فَوْقَ ما تَسَلُ