لابس من شبيبة أم ناض - البحتري
لابِسٌ مِنْ شَبِيبَةٍ أمْ نَاضِ،
                                                                            وَمُلِيحٌ مِنْ شَيْبَةٍ أمْ رَاضِ
                                                                    وإذا ما امتَعَضْتِ مِنْ وَلَعِ الشّيْـ
                                                                            ـبِ برَأسِي لمْ يثنُ منه امتِعَاضِي
                                                                    لَيسَ يَرْضَى عَنِ الزّمانِ مُرَوٍّ
                                                                            فيهِ، إلاّ عَنْ غَفلَةٍ أوْ تَغَاضِ
                                                                    والبَوَاقِي على اللّيالي، وَإنْ خَا
                                                                            لَفْنَ شَيْئاً، فُمُشْبِهَاتُ المَوَاضِي
                                                                    ناكَرَتْ لِمّتي، وَناكَرْتُ مِنها
                                                                            سوءِ الأخلافِ وَالأعْوَاضِ
                                                                    شَعَرَاتٌ أقُصُّهُنّ وَيَرْجِعْـ
                                                                            ـنَ رُجُوعَ السّهامِ في الأغْرَاضِ
                                                                    وأبَتْ تَرْكيَ الغَدِيّاتِ وَالآ
                                                                            صَالَ، حتّى خَضَبتُ بالمِقْراضِ
                                                                    غَيرُ نَفْعٍ إلاّ التّعَلّلُ مِنْ شَخْـ
                                                                            ـصِ عَدُوٍّ لَمْ يَعْدُهُ إبْغَاضِي
                                                                    وَرُوَاءُ المَشيبِ كالبحصِ في عَيْـ
                                                                            ـني فقُلْ فيهِ في العيُونِ المِرَاضِ
                                                                    طِبْتُ نَفْساً عَنِ الشّبابِ وَمَا سُوّ
                                                                            دَ مِنْ صِبْغِ بُرْدِهِ الفَضْفَاضِ
                                                                    فَهَلِ الحادِثَاتُ، يا ابنَ عُوَيفٍ،
                                                                            تارِكَاتي وَلُبْسَ هذا البَيَاضِ
                                                                    يَكثْرُ الحَظُّ في أُنَاسٍ وإنْ قَلّ
                                                                            التّأسّي بكَيْسِهِمْ، والتّرَاضِي
                                                                    ما قَضَى الله للجَهُولِ بِسِتْرٍ،
                                                                            يَتَلاَفاهُ، مِثلِ حَتْفٍ قاضِ
                                                                    أفرَطَتْ لَوْثَةُ ابنِ أيّوبَ والشّا
                                                                            ئعُ مِنْ أفْنِ رأيِهِ المُسْتَفَاضِ
                                                                    جامحٌ في العنَانِ لا يَسمَعُ الزّجْـ
                                                                            ـرَ، ولا يَنثَني إلى الرُّوّاضِ
                                                                    زاعِمٌ أنّ طَيْفَ بِدْعَةٍ قَدْ أنْـ
                                                                            ـدبَ بالنّهسِ جِلدَهُ، والعَضَاضِ
                                                                    أخَيَالاَتُ خُرّدٍ، أمْ خَيَالا
                                                                            تُ سِبَاعٍ وَحشيّةٍ في غِيَاضِ
                                                                    حَرَضٌ هالِكُ الرَّوَّيةِ مغرُو
                                                                            رٌ بِهَلْكي من جمعِهِ أَحْرَاضِ
                                                                    أجْلَبُوا تَحتَ غابَةٍ من قَنَا الخَطّ
                                                                            وَزَغْفٍ مِنَ الحَديدِ مُفَاضِ
                                                                    مُدّةً ثمّ أقْشَعُوا لانْخُرِاقٍ
                                                                            فاحشٍ من جموعهم وانفِضاضِ
                                                                    بَعدَ مَا استَغْرَقُوا النّهَايَةَ في النّزْ
                                                                            عِ وأفنَوْا مَذخورَ ما في الوِفَاضِ
                                                                    غَلَبَتْهُمْ آرَاءُ أغْلَبَ، فَيّا
                                                                            ضِ العَشِيّاتِ، من بني الفَيّاضِ
                                                                    سَدّ تَدبيرُهُ الفَضَاءَ عَلَيِهِمْ،
                                                                            بَعدَ شَغبٍ من دَرْئِهِمْ واعتِرَاضِ
                                                                    إنْ تَعَاطَوْا تلكَ المَكَايدَ ضاعوا
                                                                            في مَسَافَاتِهَا الطّوَالِ، العِرَاضِ
                                                                    ليسَ من عُصْبَةٍ، إذا استأنَفُوا السّعْـ
                                                                            ـيَ سَعَوْا في تَسَافُلٍ، وانخِفَاضِ
                                                                    أوْ تَوَخّوا صِيَانَةً كَانَتِ الأمْـ
                                                                            وَالُ أوْلَى بِهَا مِنَ الأعْرَاضِ
                                                                    ما بَرِحْنَا نَرْجُو عُلُوّ عَليٍّ،
                                                                            لاجْتِبَارِ المُطَلَّحِ المُنْهاضِ
                                                                    وأيَادٍ مُبْيَضّةٍ، والأيَادي
                                                                            فَضْلُها أنْ تَكونَ ذاتَ ابيِضَاضِ
                                                                    وَدُيُونٍ مَضْمُونَةٍ مِنْ عِداتٍ،
                                                                            كَضَمَانِ الأعدادِ مَلْءَ الحِيَاضِ
                                                                    فالتّهَنّي بِهِنّ قَبْلَ التّعزي
                                                                            راهنٌ والقَضَاءُ قَبْلَ التّقاضي
                                                                    بِأبي أنْتَ، أنْتَ أوّلُ مَنْ حَوّ
                                                                            لَني عنْ تَحَشّمي، وانْقِبَاضِي
                                                                    ما النّدَى في سِوَاكَ غَيْرُ حَديثٍ
                                                                            من أُناسٍ بادُوا، وَفِعْلٍ ماضِ
                                                                    قد تَلاَفَى القَرِيضَ جودُكَ فارْتُثّ
                                                                            لَقى، مُشْفياً على الإنْقِرَاضِ
                                                                    نِعَمٌ أبْدَتِ المَصُونَ المُغَطّى
                                                                            منهُ، تحتَ الخُفُوتِ والإغْماضِ
                                                                    كالغَوادي أظْهَرْنَ كُلَّ جَنيٍّ،
                                                                            مُسْتَسِرٍّ في زَاهرَاتِ الرّيَاضِ