هجاني النغيل وما خلتني - البحتري
هَجَاني النّغيلُ، وَما خِلْتُني
                                                                            أخَافُ هِجَاءَ أبي حَرْمَلَهْ
                                                                    وَقَد كُنتُ أُطْنِبُ في وَصْفِهِ،
                                                                            وَتثْبيتِ نِسْبَتِهِ المُشْكِلَهْ
                                                                    أُرَجّي تَلَوّنَهُ بالصّفَاءِ،
                                                                            وَألْقَى قَطيعَتَهُ بالصّلهْ
                                                                    أرَاهُ وَفِيّاً، وَأنْى لَهُ
                                                                            وَفَاءٌ، إذا كانَ لا أصْلَ لَهْ
                                                                    فَلا تَحمَدَنْ مِنْ أخٍ آخِراً،
                                                                            إذا أنْتَ لَمْ تَخْتَبِرْ أوّلَهْ
                                                                    فإنْ يَكُ أخْلَفَ ظَنّي بِهِ،
                                                                            وَحَالَ عَنِ العَهْدِ أوْ بَدّلَهْ
                                                                    فَمَا كُنتُ أوّلَ مَنْ فَاتَهُ،
                                                                            لدى صَاحبٍ، بعضُ ما أمّلَهْ
                                                                    ألَمْ أختَصِصْكَ بِما قَدْ عَلِمْـ
                                                                            ـتَ منَ الوِدّ، وَالمِقةِ المُكمَلَهْ
                                                                    وَأسْألُ فيكَ أبا صَالِحٍ،
                                                                            وَما كانَ حَقُّكَ أنْ أسْألَهْ
                                                                    أُخَبِّرُ أنّكَ مُسْتَوْجِبٌ
                                                                            لِلُطْفِ المَحَلّةِ، وَالمَنْزِلَهْ
                                                                    وكانَ جَزَائيَ مَا قَدْ عَلِمْـ
                                                                            ـتَ وَما لم يكنْ لكَ أن تَفعَلَهْ
                                                                    أرَاكَ رَجَعْتَ إلى جَدّكَ الـ
                                                                            ـشّرِيفِ، وَقِصَّتهَِ المُعْضِلَهْ
                                                                    وَمَسرَاهُ في بَطنِ قَوْصَرَهْ،
                                                                            مخرَّقةِ الخُوصِ، مُستَعمَلَهْ
                                                                    إذا اسوَدّ من خَلفِ تَشبيكِها،
                                                                            تَوَهّمتَهُ الطَّنّ في الدّوْخَلَهْ
                                                                    فَلِلّهِ هَيئَتُهُ مصبِحاَ،
                                                                            وَقَدْ وَجَدُوهُ عَلى المَزْبَلَهْ
                                                                    يُعَبّي الذُّبَابُ كَرَاديسَهُ،
                                                                            فتَغْشَاهُ قُنْبُلَةٌ قُنبُلَهْ
                                                                    هُنالِكَ لَوْ تَدْعيهِ قُشَيرٌ
                                                                            لَمَا خُيّلَتْ أنّها مُبْطِلَهْ