مرحبا بالخيال منك المطيف - البحتري
مَرحَباً بالخَيَالِ مِنْكِ المُطِيفِ،
                                                                            في شُمُوسٍ لمْ تَتّصِلْ بِكُسُوفِ
                                                                    وَظِبَاءٍ هِيفٍ تُجَلُّ عَنِ التّشْـ
                                                                            ـبِيهِ في الحُسْنِ بالظّبَاءِ الهِيفِ
                                                                    كَيْفَ زُرْتُمْ، وَدونَكُمْ رَمْلُ يَبرِيـ
                                                                            ـنَ، ففَلْجٌ، والحَيُّ غيرُ خُلُوفِ
                                                                    وَرِدَاءُ الظّلْمَاءِ في صِبْغِهِ الأسْـ
                                                                            وَدِ، والصّبْحُ مِنْ وَرَاءِ سُجُوفِ
                                                                    زَوْرَةٌ سَكّنَتْ غَليلاً، وَقَدْ ها
                                                                            جَتْ غَليلاً مِنْ هَائِمٍ مَشْغُوفِ
                                                                    قِفْ بِرَبْعٍ لَهُمْ عَفَاهُ رَبيعٌ،
                                                                            وَمَصِيفٍ مَحَاهُ مَرُّ مَصِيفِ
                                                                    وَاعصَ هذا الرّكْبَ الوُقُوفَ وإنْ أفْـ
                                                                            ـتَوْكَ لَوماً في فَرْطِ ذاكَ الوُقُوفِ
                                                                    فَقَلِيلٌ، فِيمَا يُلاقيهِ أهْلُ الـ
                                                                            ـحُبّ، طُولُ المَلاَمِ، والتّعنِيفِ
                                                                    وَخَليلٍ، لا أرْهَبُ الدّهْرَ ما دُمْـ
                                                                            ـتُ أرَاهُ، والدّهْرُ جَمُّ الصّرُوفِ
                                                                    أَوجَدَتنِيهِ هِمَّهٌ خَرَقَتْ بي
                                                                            كُلَّ خَرقٍ من البِلادِ مخُوفِ
                                                                    لا يُفيدُ الصّديقَ مَنْ لا يُفيدُ الـ
                                                                            ـعِيسَ حَظّاً من الوَجَى والوَجِيفِ
                                                                    وَتِلادُ الإخْوَانِ تُخْلِقُهُ البِذْ
                                                                            لَةُ، مَا لَمْ تُغِبّهُ بالطّرِيفِ
                                                                    أنَا رَاضٍ، وَوَاثِقٌ مِنْ أبي الفَضْـ
                                                                            ـلِ بِفِعْلٍ عَلى النّدَى مَوْقُوفِ
                                                                    سَبَبٌ بَيْنَنَا، مِنَ الأدَبِ المَحْـ
                                                                            ـضِ، قَوِيٌّ الأسْبَابِ، غيرُ ضَعِيفِ
                                                                    وَحَلِيفي عَلى الزّمَانِ سَمَاحٌ
                                                                            مِنْ كَرِيمٍ، للمَكْرُمَاتِ حَليفِ
                                                                    مَدّ مِنْ ظِلّهِ عَليّ، وَبَوّا
                                                                            نيَ رَبْعاً مِنْ رَبْعِهِ المألُوفِ
                                                                    عِندَ جَزْلٍ مِنَ النّوَالِ، وَوَعْدٍ
                                                                            لا يُزَجّى بالمَطْلِ والتّسْوِيفِ
                                                                    وَمُرَدًّى بالبِشْرِ يَبْسُطُ للزّوّا
                                                                            رِ وَجْهاً مِثْلَ الهِلالِ المُوفي
                                                                    أرْيَحِيٌّ، لَهُ، عَلى مُجْتَديهِ،
                                                                            رِقّةُ الوَالِدِ الرّحِيمِ الرّؤوفِ
                                                                    يَتَرَقّى إلى المَعَالي، مِنَ الأمْـ
                                                                            ـرِ، بِنَفْسٍ عَنِ الدّنَايَا عَزوفِ
                                                                    يَصرَعُ الخَطبَ وَهْوَ صَعْبٌ جَليلٌ،
                                                                            حُسْنُ تَدبيرِهِ الخَفيِّ، اللّطيفِ
                                                                    رَائِحٌ، مُغْتَدٍ بحِلْمٍ ثَقِيلٍ،
                                                                            رَاجِحٍ وَزْنُهُ، وَفَهْمٍ خَفيفِ
                                                                    قُلَّبيٌّ، يَكادُ يَخْرُجُ مِنْ وَهْـ
                                                                            ـمِكَ في شَكْلِهِ الرّشِيقِ الظّرِيفِ
                                                                    وَكَأنّ الشّليلَ والنّثْرَةَ الحَصْـ
                                                                            ـداءَ مِنْهُ عَلَى سَلِيلٍ غَرِيفِ
                                                                    صَاحبُ الحَمْلَةِ التي تَنْقُضُ الزّحْـ
                                                                            ـفَ بحَمْلِ الصّفُوفِ فَوْقَ الصّفُوفِ
                                                                    يَتخَطّى الرّدَى فَيَملأُ صَدْرَ الـ
                                                                            ـسّيْفِ مِنْ جَانِبِ الخَمِيسِ الكَثِيفِ
                                                                    حَيْثُ لا يَهْتَدي الجَبَانُ إلى الفَرّ
                                                                            وَحَيْثُ النّفُوسُ نُصْبُ الحُتُوفِ
                                                                    في لَفيفٍ مِنَ المَنَايَا يُمَزِّقْـ
                                                                            ـنَ، غَداةَ الهَيْجَاءِ، كُلَّ لَفِيفِ
                                                                    وَمَقَامٍ بَينَ الأسِنّةِ ضَنْكٍ،
                                                                            وِهَشيمٍ، مِنَ الظُّبَا، مَرْصُوفِ
                                                                    مَدَّ لَيْلاً على الكُمَاةِ فَمَا يَمْـ
                                                                            ـشُونَ فيهِ، إلاّ بِضَوْءِ السّيُوفِ
                                                                    يا أبَا الفَضْلِ، قَدْ تَنَاهَى بُلُوغُ الـ
                                                                            ـفَضْلِ مِنْ دُونِ فَضْلِكَ المَوْصُوفِ
                                                                    مجْدُ سَهلٍ، والفَضْلِ، والحَسَنِ الإحْـ
                                                                            ـسَانِ في مَجدِكَ الرّفيعِ الشّرِيفِ
                                                                    كِسْرَوِيّونَ أوّلِيّونَ في السّؤ
                                                                            دَدِ، بِيضُ الوُجُوهِ، شُمُّ الأنوفِ
                                                                    سُدْتَ في سِنّكَ الحَدِيثِ، وَمَا النّجْـ
                                                                            ـدَةُ إلاّ للأجْدَلِ الغِطْرِيفِ
                                                                    وإذا أُنْكِرَ البَخِيلُ مِنَ القَوْ
                                                                            مِ.. فأنْتَ المَعْرُوفُ بالمَعْروفِ