فدتك أكف قوم ما استطاعوا - البحتري
فَدَتْكَ أكُفُّ قَوْمٍ ما استَطاعوا
                                                                            مَساعِيكَ، التي لا تُستَطاعُ
                                                                    عَلَوْتَهُمُ بجَمْعِكَ ما أشَتّوا
                                                                            منَ العَليا، وحِفظِكَ ما أضَاعُوا
                                                                    تَعُمُّ تَفَضُّلاً، وَتَبينُ فَضْلاً،
                                                                            وأنْتَ المَجْدُ مَقْسُومٌ مُشَاعُ
                                                                    وَهَبْتَ لَنَا العِنَايَةَ، بَعدَما قد
                                                                            نَرَاهَا عِنْدَ أقْوَامٍ تُبَاعُ
                                                                    وَلَمْ تَحظُرْ عَلَيْنَا الجَاهَ، حتّى
                                                                            جَرَتْ عَنهُ المَذانِبُ والتِّلاعُ
                                                                    فَفِعْلُكَ، إنْ سُئِلتَ، لنا مُطيعٌ،
                                                                            وَقَوْلُكَ، إنْ سألتَ، لنا مُطاعُ
                                                                    مَكَارِمُ منكَ، إنْ دَلَفَتْ إلَينا
                                                                            صُرُوفُ الدّهرِ، فَهْيَ لَنَا قِلاَعُ
                                                                    خَلائِقُ، لا يَزَالُ يَلُوحُ فيها
                                                                            عِيَانٌ للمُدَبِّرِ، أو سَمَاعُ
                                                                    أمِنّا أنْ تُصَرِّعَ عَنْ سماحٍ،
                                                                            وَللآمَالِ في يَدِكَ اصْطِرَاعُ
                                                                    خِلاَلُ النَّيْلِ، في أهلِ المَعالي،
                                                                            مُفَرَّقَةٌ، وأنتَ لَهَا جُمَاعُ
                                                                    دَنَوْتَ تَوَاضُعاً، وَبَعدتَ قَدراً،
                                                                            فشَأناكَ انْحِدارٌ، وارْتِفَاعُ
                                                                    كذاكَ الشّمسُ تَبعَدُ إنْ تَسامى،
                                                                            وَيَدْنُو الضّوْءُ مِنْهَا، والشّعاعُ
                                                                    وَقَدْ فَرَشَتْ لكَ الدّنيا، مِرَاراً،
                                                                            مَرَاتِبَ، كُلُّهَا نَجْدٌ يَفَاعُ
                                                                    فَمَا رَفَعَ التّصَفّحُ مِنْكَ طَرْفاً،
                                                                            وَلاَ مَالَتْ بأخْدَعِكَ الضِّيَاعُ