محا نور النواظر والعقول - البحتري
مَحَا نُورَ النَّواظِرِ والعُقولِ
                                                                            أُفُولُكَ ، والبُدورُ إِلى أُفُولِ
                                                                    ومنْ جَلَلِ الخُطوبِ نِعِيُّ ناعٍ
                                                                            أَتَانَا عَنْكَ بالخَطْبِ الجَليلِ
                                                                    هُوَ النَّبأُ العَظِيمُ ، وَكَمْ بأَرْضٍ
                                                                            أُسِيلَ دَمٌ على خَدٍّ أَسِيلِ
                                                                    أَيَوْمَ مُحمَّدٍ لم تُبْقِ سُؤْلاً
                                                                            ولاَ أَمَلاً لِذِي أَملٍ وسُولٍ
                                                                    فَكَمْ أَذْلَلْتَ مِنْ رَجُلٍ عَزِيزٍ
                                                                            وكَمْ أَعزَزْتَ من رَجُلٍ ذَلِيلِ
                                                                    وَلَمْ يكُ سَيَّداً لَوْ كَانَ قَيْلاً
                                                                            تُغَضُّ لَدَيْهِ أَبْصارُ القُيًولِ
                                                                    وما رَاحتْ بهِ النَّكْبَاءُ حَتَّى
                                                                            دَعَا دَاعِي المَكارِمِ بالرَّحِيلِ
                                                                    وكَمْ من حُرِّ وَجْهٍ فاطِمِيٍّ
                                                                            جلَوْتَ وَكَانَ كالرَّسْمِ المُحِيلِ
                                                                    وَمنْ عَظْمٍ كَسِيرٍ أَبْطَحِيٍّ
                                                                            جَبرْتَ بِنَائلٍ غَمْرٍ جَزِيلِ
                                                                    أَعَيْنَ السَّلسبِيل ، سَقاكِ جُوداً
                                                                            كَجُودِكِ منْ عُيُونِ السَّلْسَبيلِ
                                                                    عَدَتْكَ مَحبَّةٌ زَادَتْكَ حُبًّا
                                                                            إِلى الصَّلَوَاتِ والسُّنَنِ العُدُولِ
                                                                    ولَمَّا لَمْ نَجِدْ دَرَكاً لِثاوٍ
                                                                            وَجَلَّ المَوْتُ عَنْ طَلَبِ الذُّحُولِ
                                                                    رَدَدْنَا البِيضَ في الأَغْمادِ يَأْساً
                                                                            وَأَطْلَقْنَا المَدَامِعَ لِلغَلِيلِ
                                                                    ورُحْنا حَوْلَ شَرْجَعِهِ كَأَنَّا
                                                                            نَشَاوَى رَائِحُونَ مِنَ الشَّمُولِ
                                                                    نَغُضُّ لَهُ النَّوَاظِر وَهْوَ مَيْتٌ
                                                                            لِهَيْبَتِهِ ونُخْفِضُ مِنْ عَوِيلِ
                                                                    حَيَاءً مِنْ صَنَائعهِ اللَّواتي
                                                                            أَخَذْنَ لَهُ مَوَاثِيقَ العُقُولِ