إلي أي سر في الهوى لم أخالف - البحتري
إلي أيّ سِرٍّ في الهَوَى لمْ أُخَالِفِ،
                                                                            وأيِّ غَرَامٍ عندَهُ لمْ أُصَادِفِ
                                                                    وَلي هَفَوَاتٌ باعِثاتٌ لي الجَوَى،
                                                                            يُعَرِّضْنَني مِن بَرْحِهِ للمَتَالِفِ
                                                                    كأنّ العُيُونَ الفاتِنَاتِ، تَعَاوَنَتْ
                                                                            على تِرَةٍ عِنْدَ العُيُونِ الذّوَارِفِ
                                                                    فإنْ أسْلُ أُلاّفَ الصّبا، فبِعُقْبِ مَا
                                                                            غَنيتُ،وساحاتُ الصّبا مِنْ مَآلِفي
                                                                    أرَى ثِقَةَ الرّاجي مُوَاصَلَةَ المَهَا،
                                                                            تَكَاءَدَها، أوْ آدَهَا شَكُّ خَائِفِ
                                                                    كَأنّ النّوَى يَكْذِبْنَهُ نَحْبَ ناذِرٍ
                                                                            يُقَضّينَ مِنْهُ، أوْ ألِيّةَ حَالِفِ
                                                                    إذا مَا لَقَيْنَاهُنّ، والشّيْبُ شَفْعُنَا،
                                                                            تَغَابَيْنَ، أوْ كَلّمْنَنَا بالسّوَالِفِ
                                                                    لَئِنْ صَدَفَتْ عَنّا، فَرُبّةَ أنفُسٍ
                                                                            صَوَادٍ إلى تلكَ الخُدودِ الصّوادِفِ
                                                                    فَلَيْتَ لُبَانَاتِ المُحِبّ رُدِدْنَ في
                                                                            جَوَانِحِهِ، أوْ كُنّ عِندَ مُساعِفِ
                                                                    وَمَا شَعَفُ المَشْعُوفِ إلاّ بَلِيّةٌ
                                                                            عَلَيْهِ، إذا لمْ يُعْطَ تَنْوِيلَ شَاعِفِ
                                                                    بَدأتُ بحَقّ الأصْدِقَاءِ وَلَمْ أكُنْ
                                                                            لأجْعَلَهُ لَفْقاً لِحَقّ المَعَارِفِ
                                                                    وَسَاوَيْتُ بَينَ القَوْمِ في شكرِ سَيْبِهِمْ،
                                                                            وَهُمْ دَرَجٌ مِنْ سُوقَةٍ وَخَلاَئِفِ
                                                                    أُعَدُّ بإنْصَافِ الخَليلِ، تَفَضّلاً،
                                                                            ,إِنَّ منَ الإفْضَالِ بَعضَ التّنَاصُفِ
                                                                    وَكم من أُناسٍ عِفْتُ أوْ عِبتُ زَارِياً
                                                                            على عُنْجُهِيّاتٍ لَهُمْ، وَعَجَارِفِ
                                                                    يُرَوْنَ، بساعَاتِ العطايا، تَفَاقَدُوا
                                                                            مَخَايِلَ ساعاتِ المَنايا الحَوَاتِفِ
                                                                    إذا طُوِيَ الفِتْيَانُ عَنْكَ، فأُشكِلَتْ
                                                                            مَقَادِيرُهُمْ، فاعرِفْهُمُ بالعَوَارِفِ
                                                                    قَضَيْتُ لإسْحَاقَ بنِ يَعْقُوبَ بالنّدى
                                                                            قَضِيّةَ لا الغَالي، وَلاَ المُتَجَانِفِ
                                                                    أبيٌّ، إذا حَامَتْ يَداهُ عَلَى العُلَا،
                                                                            تَبَيّنْتَهُ فيها نَبيهَ المَوَاقِفِ
                                                                    يُبادِرُ غاياتٍ منَ المَجْدِ، طَوّحتْ
                                                                            بِهِ خَلفَ غاياتِ الرّياحِ العَوَاصِفِ
                                                                    إذا قيلَ للقَوْمِ: اقدُرُوها بظَنّكم!
                                                                            ألاحُوا مِنِ استِئنافِ تلكَ التّنايِفِ
                                                                    يُؤدّي إلى بُعْدِ المَدى سَبقُ بالغٍ،
                                                                            إذا استَشْرَفُوا مِنهُ دُنُوَّ مَشارِفِ
                                                                    بأقصَى رِضَانَا أنْ يَعَضّ حَسُودُهُ،
                                                                            عَلى رُغُمٍ في، كَفَّ غَضْبَانَ آسِفِ
                                                                    وَمَا تُلُدُ المَعْرُوفِ بالمُغْنِيَاتِهِ
                                                                            عَنِ المْجدِ أنْ يَزْدادَهُ بالطّوَارِفِ
                                                                    وأينَ لَهَا بالهَضْبِ تَسْمُو فُرُوعُهُ
                                                                            قَرَارَاتِ قِيعَانِ الصّرِيمِ الصّفاصِفِ
                                                                    جَمَعتُ بهِ شَملَ الرّجاءِ، وَلم أمِلْ
                                                                            إلى بِدَدٍ مُرْفَضّةٍ وَطَوَائِفِ
                                                                    وأوْقَعْتُ حِلْفاً بَينَ شِعْرِي وَجُودِهِ،
                                                                            إذا لمْ تُناسِبْ في الثّراَءِ، فَحالِفِ
                                                                    طَرَائِفُ مِنْ حُرّ القَرِيضِ يَرُدُّها،
                                                                            مُقَابَلَةً، مِنْ رِفْدِهِ بالطّرَائِفِ
                                                                    إذا ما طِرَازُ الشّعْرِ وَافَاهُ جَاءَنَا
                                                                            غَرِيبَ طِرازِ السّوسِ، سَبطَ الرّفَارِفِ
                                                                    نُكَرّرُ بَيْعَ الوَشْيِ بالخَزّ مُثْمَناً،
                                                                            وَقَيْضَ البُرودِ عِنْدَناُ بالمَطارِفِ
                                                                    وَلَوْ كَانَ في أرْضِ الرّقيقِ أمَارَنَا،
                                                                            منَ الوُصَفَاءِ، كَثرَةً، والوَصَائِفِ
                                                                    صَنَاعُ يَدٍ في الجُودِ، حيثُ تَوَجّهتْ
                                                                            أرَتْ عَجَباً مِنْ حُسنِهَا المُتَضَاعِفِ