خطته فلم تحفل به الأعين الوطف - البحتري
خَطَتْهُ فَلَمْ تَحفِلْ به الأَعيُنُ الْوُطفُ
                                                                            وكانَ الصَّبَا إِلفا فَفَارَقهُ الإلْفُ
                                                                    وأَسْلى الغَوانِي عَنْهُ مُبيضُّ فَوْردهِ
                                                                            وَكانَ يُغَنَّيهِنَّ مُسْودُّهُ الوَحْفُ
                                                                    فَكمْ مَوعِدٍ أَتْوَينهُ ولَويْنَهُ،
                                                                            فأَوَّلُهُ مطْلٌ ،وآخِرُهُ خُلْفُ
                                                                    جَفَا مَضْجَعِي، وأَيُّ مَضجعِ مُغرْمٍ
                                                                            يُقضُّ بِلوغَاتِ الفِراقِ فَلاَ يَجْفُو
                                                                    وجَدْت الْمُحبِّين اسْتُرقَّت دُمُوعُهُمْ
                                                                            فَهُنَّ عَلىأَشجَان لَوعتِهمْ وقْفَ
                                                                    إِذا احتَدَمتْ أَكبادُهُمْ مِنْ صَبَابَةٍ
                                                                            تضَرَّم مِنها في جَوَانِحِهِمْ رَضْفُ
                                                                    وَزوْرِ خَيالٍ بَعْدَ وَهْنٍ أَلمَّ بي
                                                                            وَأَحشاؤُهُ مِنْ فرْطِ خِيفتِهِ تَهفُو
                                                                    وقد أَشرقتْ حتَّى أَقامت وجُوههَا
                                                                            على جِهَةِ الغَرْبِ الفَوارِسُ والرِّدفُ
                                                                    وُقُوفاً بِأَعْلَى منظَر قَد تَوَازَنتْ
                                                                            مَنَاكِبُ مِنْهُمْ مِثلَ ما وَقَفَ الصَّفُّ
                                                                    أَرى التَّاسَ صِنْفَي رفْعةٍ ودناءةٍ،
                                                                            طَغَامُهُمُ صِنْفُ وأَعْيانُهُمْ صِْفُ
                                                                    لقدْ شَرَّدَ الأَعرابَ كُلَّ مُشَرَّدٍ
                                                                            تَسوُّقُ غَادٍ في سياقَيهِ عَسْفُ
                                                                    زُحُوفٌ إِذا ما مَعشَرٌ زاغَ رأْيُهُمْ
                                                                            فَلمْ يسْتَقيمُوا سَارَ تِلْقاءهُمْ زَحفُ
                                                                    رأَت رُشدَها عِجْلُ فَثابَتْ حُلُومُها
                                                                            وَلَمْ يَعْشَ مِنْها عَنْ مَراشِدها طرْفُ
                                                                    وجَاءت بنُو شَيبانَ تَنْشُدُ حِلفها
                                                                            ولاَ إِلَّ لِلعاصي لَدَيْكَ ولاَ حِلْفُ
                                                                    كَأَنَّ الوَدِيعِييَّنَ لَيلَةَ جِئْتَهُمْ
                                                                            هَوَى بِهمُ في غُمرِ مسجُورَةٍ جُرْفُ
                                                                    مضَوْا بيْنَ أَضعافِ الخُطُوبِ كما مَضتْ
                                                                            جَدِيسُ،وبانَتْ عَنْ مَنازِلها هَفُّ
                                                                    وَلاَ لابْنِ سَيَّارِ مِنَ الأَمرِ بَعدها
                                                                            خِياَرٌ إِذا اخْتارَ القسِيمُ ولا نَصْفُ
                                                                    وأَضْحوا وكانُوا لا يُنهْنِهُ شَغْبَهُمْ
                                                                            إِذا قيلَكُفُّوا تَخمُّطِكُمْ كَفُّوا
                                                                    ولمَّا استَقَرتْ في جلُولاَ ديارُهُمْ
                                                                            فلا الظَّهْرُ من ساتِيدَ ماءَ ولا اللَّحْفُ
                                                                    أَقامُوا نَدامًى مُترعاتٌ كؤُوسُهُمْ
                                                                            لدَيهمْ ،وصرْفُ الدَّهر بَيْنَهُمْ صِرْفُ
                                                                    تَوافَتْ لَهُمْ آجالُهُمْ فَكَأَنَّهُم
                                                                            لَقُوا صَعْقةً أَو فصَّ بينهُمْ حتفُ
                                                                    ورامتْ بَنُو تَيْمٍ بِكرْماءَ مُتعةً
                                                                            فما كَرُموا عِندَ اللِّقاءِ ولا عفُّوا
                                                                    وما بَرحَ التَّفْرِيطُ حتى أَصارهُم
                                                                            إِلى خُطةٍ فيها الخزِيَّةُ والخْسفُ
                                                                    إِذا انْتَزفُوا خِلْفا مِنَ الشَّرِ رَدَّهُمْ
                                                                            أِلى أَول الوِرْد ِالذي أنتزفوا خِلْفُ
                                                                    وإِلاَّ يُنِيبوا تَقْضِبِ القُضُبُ الرَّدى
                                                                            وسُمْرٌ بسَابرُّوجَ تَمنعُها عُجْفُ
                                                                    وإِلاَّ يُنِيبُوا صَاغِرينَ ويَرْجِعُوا
                                                                            تَدُرْ بينْهُمْ كَأَسُ الحِماَمِ بِكَ الصِّرْفُ
                                                                    لَنَا حَاتِمانِ للمُجَدِّدِ مِنْهُما
                                                                            على المُبْتدِي في كُلِّ مَكْرمُةٍ ضِعْفُ
                                                                    خَلائِقُ إِن ْأَكْدى الحَيا في غَمامِهِ
                                                                            تتابَعَ عُرفاً من كَرَائِمِها العُرْفُ
                                                                    أَحاطَتْ بِآفاقِ المَعَالي وأَشرَفتْ
                                                                            بَها نَخوةٌ من أَن يُحيطَ بِها وَصفُ
                                                                    لبِسْنَا مِنَ الطَّائيِّ آثارَ نِعْمَةٍ
                                                                            تبينُ عَلَى مرِّ اللَّيالي ولا تَعْفُو
                                                                    إِذا سَبَقتْ مِنْهُ يَدٌ فَتُشُوهِرتْ
                                                                            أَبَّرتْ عَليها مِنْ نَداهُ يَدٌ تَقْفُو
                                                                    وأَلفَانِ مَا يَنْفكُّ يدْنو مَداهُما
                                                                            فَمِنْ مَالِهِ أَلفٌ،ومنْ جاهِهِ أَلفُ