أبا سعيد وفي الأيام معتبر - البحتري
أبَا سَعِيدٍ، وَفي الأيّامِ مُعْتَبَرُ،
                                                                            والدّهْرُ في حَالَتَيْهِ الصّفْوُ والكَدَرُ
                                                                    ما للحَوَادِثِ، لا كانَتْ غَوَائِلُها،
                                                                            وَلاَ أصَابَ لَهَا نَابٌ، وَلاَ ظُفُرُ
                                                                    تَعَزَّ بالصّبْرِ، واستَبدِلْ أُسًى بأَسًى،
                                                                            فالشّمسُ طالِعَةٌ، إنْ غُيّبَ القَمَرُ
                                                                    وَهَلْ خَلاَ الدّهْرُ، أُولاهُ وآخِرُهُ،
                                                                            مِنْ قَائِمٍ بهُدًى، مُذْ كُوّنَ البشَرُ
                                                                    إيهَاً عَزَاءَكَ لا تُغْلَبْ عَلَيْهِ، فَما
                                                                            يَسْتَعْذِبُ الصّبْرَ إلاّ الحَيّةُ الذّكَرُ
                                                                    فَلَمْ يَمُتْ مَنْ أميرُ المُؤمِنينَ لَهُ
                                                                            بَقِيّةٌ، وإنِ اسْتَوْلَى بِهِ القَدَرُ
                                                                    مَضَى الإمامُ وأضْحَى في رَعيّتِهِ
                                                                            إمامُ عَدْلٍ بِهِ يُسْتَنْزَلُ المَطَرُ
                                                                    إنّ الخَليفَةَ هَارُونَ الذي وَقَفَتْ،
                                                                            في كُنْهِ آلائِهِ، الأوْهامُ والفِكَرُ
                                                                    ألْفَاكَ في نَصْرِهِ صُبْحاً أضَاءَ لَهُ
                                                                            لَيْلٌ، من الفِتْنَةِ الطَّخياءِ، مُعتكِرُ
                                                                    سَكّنْتَ حَدَّ أُنَاسٍ فَلَّ حَدَّهُمُ
                                                                            حَدٌّ مِنَ السّيفِ، لا يُبْقي ولاَ يَذَرُ
                                                                    كُنتَ المُسارِعَ في توكيدِ بَيْعَتِهِ،
                                                                            حَتّى تَأكّدَ مِنْهَا العَقْدُ، والمِرَرُ
                                                                    وَدَعْوَةٍ، لأصَمّ القَوْمِ، مُسمِعَةٍ،
                                                                            يُصْغي إلَيها الهُدَى، والنّصرُ والظَّفَرُ
                                                                    أقَمْتَهَا لأمِيِرِ المُؤمِنِينَ بِمَا
                                                                            في نَصْلِ سَيْفِكَ إذ جاءَتْ بها البُشَرُ
                                                                    فاسْلَمْ جُزِيتَ عَنِ الإسلامِ من ملِكٍ
                                                                            خَيراً، فأنْتَ لَهُ عِزٌّ وَمُفْتَخَرُ