ليس الزمان بمعتب فذريني - البحتري
لَيسَ الزّمَانُ بمُعْتِبٍ ، فذَرِيني
                                                                            أرْمِي تَجَهّمَ خَطْبِهِ بجَبيني
                                                                    وَخْدُ القِلاَصِ يَرُدُّني لكِ بالغِنَى
                                                                            في بَعضِ ذا التّطَوَافِ أوْ يُرْديني
                                                                    والرّزْقُ لليَقِظِ المُشَبَّعِ رأيُهُ
                                                                            بالعَزْمِ، لا للعَاجِزِ المأفُونِ
                                                                    لَوْلا أبُو إسحاقَ لمْ ألحَقْ بِمَنْ
                                                                            فَوْقي، وَلَم أفضُلْ على مَنْ دوني
                                                                    أقسَمْتُ لا يَخشَى الحَوَادثَ جارُهُ
                                                                            وَيَمينُهُ قَمِنٌ بِبَرّ يَميني
                                                                    سَمْحُ اليَدَينِ، لَهُ أيَادٍ جَمّةٌ
                                                                            عنْدي، وَمَنٌّ لَيسَ بالمَمْنُونِ
                                                                    وَلَقَدْ بَعَثتُ لَهُ الثّنَاءَ فلَمْ يقُمْ
                                                                            جُهْدُ الثّنَاءِ بِعَفْوِ ما يُوليني
                                                                    جُودٌ يَبُذُّ الغَيثَ أحفَلُ ما جَرَتْ
                                                                            بِسِجَالِهِ فِيَقُ السّحَابِ الجُونِ
                                                                    أنّى يكونُ لهُ اتِّصالٌ في النّدى،
                                                                            وَوُقُوعُهُ في الحِينِ، بعدَ الحينِ
                                                                    أفديكَ، والنَّعماءُ عندي، جَمَّةٌ
                                                                            قَد كَثّرَتْ في النّاسِ من يَفديني
                                                                    إنّ الذي حُمّلْتُهُ، فَحَمَلْتُهُ،
                                                                            ما كانَ مِنْ خُلُقي، وَلاَ من دِيني
                                                                    أيَخُونُ في سرّ الصّديقِ لسانُ ذي
                                                                            كَرَمٍ عَلى سِرّ العَدُوّ أمِينِ
                                                                    هذا وَما صَدرِي بمُنصرِفِ الهَوَى
                                                                            عَنكُمْ، وَلاَ أنا فيكُمُ بِظَنِينِ
                                                                    أبَنِي المُدَبِّرِ لاَ تَزَلْ أيّامُكُمْ
                                                                            مَوصُولَةً بالعِزّ، والتّمكِينِ
                                                                    فالمَجدُ يَعلَمُ أنّكُمْ لم تَقصُرُوا
                                                                            إلاّ على سَبْقٍ إلَيْهِ، مُبِينِ