مَعاهِدُها ، والعَهْدُ يُنْسى وَيُذْكَرُ - الأبيوردي
مَعاهِدُها ، والعَهْدُ يُنْسى وَيُذْكَرُ
                                                                            على عَذَباتِ الجِزْعِ تَخْفَى وَتَظْهَرُ
                                                                    وَ أَشْلاءِ دارٍ بالمُحَصَّبِ مِنْ مِنى ً
                                                                            وَقَفْتُ بِها وَالأَرْحَبيَّة ُ تَهْدِرُ
                                                                    أُسائِلُها وَالعَيْنُ شَكْرَى مِنَ البُكا
                                                                            وَهُنَّ نَحيلاتُ المَعالِمِ دُثَّرُ
                                                                    وَأَسْتَخْبِرُ الأَطْلالَ عَنْ سَاكِنِي الحِمَى
                                                                            فلا الدَّمْعُ يَشفِيني وَلا الرَّبْعُ يُخْبَرُ
                                                                    كأَنَّ دِيارَ العامِريَّة ِ باللِّوَى
                                                                            صَحائِفُ تَطويها اللَّيالي وَتَنْشُرُ
                                                                    فَهَلْ عَبْرة ٌ تَقْضي المَعاهِدَ حَقَّها
                                                                            كَما يَسْتَهِلُّ اللُّؤُلؤُ المُتَحَدِّرُ
                                                                    وَلي مُقْلة ٌ ما تَسْتَريحُ إلى البُكا
                                                                            بِحُزوى ، فقد أَلوى بِدَمْعي مُحَجَّرُ
                                                                    فَهَلْ عَلِمَ الغَيْرانُ أَنِّي على النَّوى
                                                                            وَإنْ ساءهُ، مِنْ حُبُّ سَمْراءَ أَسْهَرُ
                                                                    وَأُغْضِي عَلى حُكْمِ الهَوى وَهْوَ جَائِرٌ
                                                                            فَما لِسُليمَى وَاعُهَيْداهُ تَغْدِرُ
                                                                    أَتُنْصِفُني أُخْتُ العُرَيْبِ، وقدْ أَرى
                                                                            مُوَشَّحَها يَعْدو عَلَيهِ المؤَزَّرُ
                                                                    هِلالِيَّة ٌ تَرنْو إِليَّ بِمُقْلَة ٍ
                                                                            على خَفَرٍ، تَصْحو مِراراً وَتَسْكَرُ
                                                                    وَتَكْسِرُ جَفْنَيْها على نَجَلٍ بِها
                                                                            كَما أَطْبَقَ العَيْنَ الكَحيلَة َ جُؤذَرُ
                                                                    أَسَمْراءُكُمْ مِنْ نَظْرَة ٍ فُلَّ غَرْبُها
                                                                            بِوْطْفاءَ يَطْغَى دَمْعُها المُتَحَيِّرُ
                                                                    وَأَلْوي إليكَ الجيدَ حَتى كَأَنَّني
                                                                            لِفَرْطِ التِفاتي نَحْوَ يَبْرينَ، أَصْوَرُ
                                                                    ذَكَرْتُكِ وَالوَجناءُ يَدْمَى أَظَلُّها
                                                                            وَتَشكو الحَفى ، وَالأَرْحَبِيَّاتُ تَزْفِرُ
                                                                    كَأَنّي وَإيّاهَا مِنْ السَّبْرِ والسُّرى
                                                                            جَدِيلٌ كَجِرْمِ الأفْعُوانِ مُخَصَّرُ
                                                                    وَلَوْلاكِ لَمْ أَقْطَعْ نِياطَ تَنُوفَة ٍ
                                                                            كَصَدْرِ أَبي المِغْوارِ، وَالعِيسُ حُسَّرُ
                                                                    وَإنّي إذا ما انْسابَ في الأَعْيُنِ الكَرَى
                                                                            يَخُبُّ بِبَزِّي أَعْوَجِيٌّ مُضَمَّرُ
                                                                    وَأَسْري بِعيسٍ كَالأَهِلَّة ِ فَوْقَها
                                                                            وُجوهٌ مِن الأَقْمارِ أَبْهى وَأنْوَرُ
                                                                    وَيُعْجِبُني نَفْحُ العَرارِ، وَرُبَّما
                                                                            شَمَخْتُ بِعِرنْيني وقد فاحَ عَنْبَرُ
                                                                    وَيَخْدِشُ غِمدي بِالحِمى صَفحَة َ الثَّرى
                                                                            إذا جَرَّ مِن أَذْيالِهِ المُتَحضَّرُّ
                                                                    فَما العَيشُ إلاَّ الضَّبُّ يَحرِشُهُ الفَتى
                                                                            وَوِرْدٌ بِمُسْتَنِّ اليَرابيعِ أَكْدَرُ
                                                                    بِحَيثُ يَلْفُ المَرءُ أَطْنابَ بَيْتِهِ
                                                                            على العِزِّ، وَالكُومُ المَراسيل تُنْحَرُ
                                                                    وَيُغْشَى ذَراهُ حِينَ يُسْتَعْتَمُ القِرى
                                                                            وَيَسْمو إليهِ الطَّارِقُ المُتَنَوِّرُ
                                                                    كَأَنّي بِهِ جارُ الأَميرِ مُفَرِّجٍ
                                                                            فلا عَيْشَ إلاّ وَهْوَ رَيّانُ أَخْضَرُ
                                                                    ضَرَبْتُ إليهِ صَدْرَ كُلِّ نَجيبة ٍ
                                                                            لَها نَظَرٌ شَطرَ النَّوائِبِ أَخْزَرُ
                                                                    فَحَطِّتْ بِهِ رَحْلَ المُكِلِّ، وَظَهْرُها
                                                                            مِنَ الشُّكْرِ وَالشِّعْرِ المُحَبَّرِ مُوقَرُ
                                                                    وَنِيرانُهُ حَيثُ العِشارُ دِماؤها
                                                                            تُراقُ وَيُذْكِيها الوَشيجُ المُكَسَّرُ
                                                                    وَزُرْنا فِناءً لَمْ تَزَلْ في عِراصِهِ
                                                                            مِدائحُ تُرْوَى أَو جِباهٌ تُعَفَّرُ
                                                                    وَحاطَ حِمى المُلكِ الّذي دُونَ نَبْيلِهِ
                                                                            يُقَدُّ بِأَطرافِ الرِّماحِ السَّنَوَّرُ
                                                                    وَيُفْلَى لَبانُ الأَعْوَجِيِّ، وَيَرْتَدِي
                                                                            إذا اشْتَجَرَتْ زُرْقُ الأَسِنَّة ِ عِثْيَرُ
                                                                    تَواضعَ إذ أَلفْى مُعَرَّسَ مَجْدِهِ
                                                                            مَناطَ السُّها يَشأَى المُلوكَ وَيَبْهَرُ
                                                                    وَمَا هَزَّهُ تِيهُ الإمارَة ِ والّذي
                                                                            يُصادِفُها، في ثِنْيِ عِطْفَيْهِ يَنْظُرُ
                                                                    فَكُلُّ حَديثٍ بِالخَصاصَة ِ عَهْدُهُ
                                                                            إذا رَفَعْتَهُ ثَرْوَة ٌ يَتَكَبَّرُ
                                                                    دَعاني إليكَ الفَضْلُ وَالمَجْدُ وَالعُلا
                                                                            وَبَذْلُ النَّدى وَالمَنْصِبُ المُتَخَيَّرُ
                                                                    وقد شمَلتني نِعْمَة ٌ أَنتَ رَبُّها
                                                                            هِيَ الرَّوْضُ غاداهُ الحَيا وَهْوَ مُغْزِرُ
                                                                    وكم ماجِدٍ يَبْغي ثَناءً أَصوغُهُ
                                                                            وَلكنّني عَنْ مَدْحِ غَيْرِكَ أَزْوَرُ
                                                                    فَكُلُّ كِنانيٍّ بِعِزَّكَ يَحْتَمي
                                                                            وَسَيبِكَ يَسْتَغْني، وَسَيْفِكَ يُنْصَرُ