نَأَى بجانِبِهِ، وَالصُّبْحُ مُبْتَسِمُ - الأبيوردي
نَأَى بجانِبِهِ، وَالصُّبْحُ مُبْتَسِمُ
                                                                            طَيْفٌ تَبَلَّجَ عَنْهُ مَوهِناً حُلُمُ
                                                                    فَانْصاعَ يَتْبَعُهُ قَلْبٌ لَهُ شَجَنٌ
                                                                            وَضاعَ مِنْ بَعْدِهِ جِسْمٌ بِهِ سَقَمُ
                                                                    قد كُنْتُ آنَسُ بِالأنْوار آوِنَة ً
                                                                            فَما وَفَتْ، وَكَفتِنْي غَدْرَها الظُّلَمُ
                                                                    خاضَتْ دُجَى اللَّيلِ سَلْمى وَهْي تَخْفِرُها
                                                                            وَالدَّارُ لا صَقَبٌ مِنَّا وَلا أَمَمُ
                                                                    تَطْوي الفَلا وَجَناحُ الليلِ مُنْتَشِرٌ
                                                                            إليَّ حَيْثُ يُنَهّي سَيْلَهُ إضَمُ
                                                                    وَالرَّكْبُ بِالقاعِ يَسْري في عُيونِهِمُ
                                                                            كَرى ً يَدِبُّ على آثارِهِ السَّأَمُ
                                                                    فَناعِسٌ عُقَبُ المَسْرى تَهُبُّ بِهِ
                                                                            وَمائِلُ لِنواحِي الرَّحْلِ مُلْتَزِمُ
                                                                    وَبي مِنْ الشَّوْقِ ماأَعصِي الغَيورَ بِهِ
                                                                            كَما يُطيعُ هَوايَ المَدْمَعُ السِّجِمُ
                                                                    وَحَنَّة ٌ بِتُّ أَسْتبكِي الخَلِى َّ بِها
                                                                            وَقَدْ بَدا مِنْ حفافي تُوضِحٍ عَلَمُ
                                                                    أَصْبُو إليهِ وقد جَرَّ الرَبيعُ بِهِ
                                                                            ذُيولَهُ، وَتَوَلَّتْ وَشْيَهُ الدِّيَمُ
                                                                    ومابيَ الرَّبْعُ لكنْ مَنْ يَحِلُّ بِهِ
                                                                            وَإنَّما لِسُلَيْمى يُكرَمُ السَّلَمْ
                                                                    وَالدَّهْرُ يُغْرِي نَواهَا بِي، وَعِنْ كَثَبٍ
                                                                            مِنْ صَرْفِهَا بِأَبي عثْمانَ أَنْتَقِمُ
                                                                    أَغَرُّ يَسْتَمْطِرُ العافُونَ راحَتَهُ
                                                                            فَيَسْتَهِلُّ كِفاءَ المُنْيَة ِ النَّعَمُ
                                                                    إذا بَدا اخْتَلَسَ الأَبْصارُ نَظْرَتَها
                                                                            إليهِ مِنْ هَيْبَة ٍ في طَيِّها كَرَمُ
                                                                    وَاسْتَنْفَضَ القَلْبَ طَرْفٌ في لَواحِظِهِ
                                                                            تِيهُ المُلوكِ وَأَنْفٌ كُلُّهُ شَمَم
                                                                    ذُو راحَة ٍ أَلِفَتْها في سَمَاحَتِها
                                                                            مَكارِمٌ تَتَقاضاهُ بِها الشَّيَمُ
                                                                    يَمُدُّ لِلْمَجْدِ باعاً مابِهِ قِصَرٌ
                                                                            وَلا تَخُونُ خُطاهُ نَحْوَهُ القَدَمُ
                                                                    وَيَنَتَضِي كَأَبِيهِ في مَقَاصِدِهِ
                                                                            عَزْماً يُفَلُّ بِهِ الصَّمْصامَة ُ الخَذِمُ
                                                                    لَمّا اقْشَعَرَّ أَديمُ الفِتْنَة ِ اعْتَرَكَتْ
                                                                            فيها المَغاوِيرُ، والأَرواحُ تُخْتَرَمُ
                                                                    فَكَفَّ مِنْ غَرْبِها لَمّا اسْتَقَامَ بِهِ
                                                                            زَيْغُ الخُطوبِ، وَأَجْلَى العارِضُ الهَزِمُ
                                                                    بِالخَيْلِ مُسْتَبِقاتٍ في أَعِنَّتها
                                                                            فُرْسانُها الأُسْدُ، وَالخَطَيِّة ُ الأَجَمُ
                                                                    أَنِسْنَ بِالْحَرْبِ حَتّى كادَ يَحْفِزُها
                                                                            حُبُّ اللِّقاءِ إذا ما قَعْقَعَ اللُّجُمُ
                                                                    فَما تُمَدُّ إلى غَيْرِ الدُّعاءِ يَدٌ
                                                                            وَلَيْسَ يُفْتَحُ إلاّ بِالثَّناءِ فَمُ
                                                                    تَعْساً لِشِرِ ذِمَة ٍ دَبُّوا الضَّرَاءَ لَهُ
                                                                            أَدْمْى الشَّحيحَة َ مِنْ أَيْديهِمُ النَّدَمُ
                                                                    وَغَادَرَ ابنْ عَدِيٍّ في المَكَرِّ لَقى ً
                                                                            يَجْري على مُلْتَقَى الأَوْداجِ مِنْهُ دَمُ
                                                                    فَاسْلَمْ ولا تَصْطَنِعْ إلاّ أَخَاً ثِقَة ٍ
                                                                            نَدَباً إذا نُفِضَتْ لِلْحادِثِ اللِّمَمُ
                                                                    يُغْضي حَياءً وفي جِلْبابِهِ أَسَدٌ
                                                                            أَكْدَتْ مَباغِيهِ فَهْوَ المُحْرَجُ الضَّرِمُ
                                                                    وَاسْعَدْ بِيَوْمِكَ، فَالإقْبالُ مُؤْتَنَفٌ
                                                                            وَالشَّمْلُ مُجْتَمِعٌ وَالشَّعْبُ مُلْتَئِمُ
                                                                    قدْ سَنَّتِ الفُرْسُ لِلنَّيروزِ ما طَفِقَتْ
                                                                            تَجري إليهِ على آثارِها الأُمَمُ
                                                                    وَكَمْ تَطَلَّبْتُ ما أُهْدي فَما اقتَصَرَتْ
                                                                            على الذي بَلَغَتْهُ الطَّاقَة ُ الهِمَمُ
                                                                    وَإنَّ في كَلِماتِ العُرْبِ شارِدَة ً
                                                                            أَداءَ ما شَرَطَتْهُ قَبْلَنا العَجَمُ
                                                                    فَأَرْعِ سَمْعَكَ شِعْراً كاد مِنْ طَرَبٍ
                                                                            إلى مَعاليكَ قَبْلَ النَّظْمِ يَنْتَظِمُ
                                                                    إنَّ الهَدايا، وَخَيرُ القَوْلِ أَصْدُقهُ
                                                                            تَفْنى ، بَقِيتَ، وَتَبْقى ، هذهِ الكَلمُ