هل تشربينَ البـُنْ ؟ - محمد عريقات
هل تشربينَ البـُنْ ؟
                                                                    قلتُ
                                                                    وهل لديكِ الوقتَ كي نختارَ
                                                                    طاولة يجللها غباري ؟
                                                                    النادِلُ المعتوهُ يرقبنا
                                                                    ويقرأ ما أقول بنظرتي
                                                                    والجمعُ يرقبنا ويقرأ ما أقولُ
                                                                    كلاهما يصبو لقتلي وانكساري
                                                                    .
                                                                    وأنا هنا
                                                                    وكأنّ لا أحَداً جواركِ
                                                                    ترسلينَ الطرفَ لهواً
                                                                    صوبَ من يجثو جواري
                                                                    .
                                                                    وانا هنا
                                                                    ويكادُ يدهسني كلامكِ مع سوايَ
                                                                    أكادُ مثلَ الحصوِ تحتَ الخيلِ
                                                                    في فرٍّ وكرٍّ مثل قمحٍ في رحىً
                                                                    تدوي بليلٍ مع نهارِ
                                                                    .
                                                                    وانا هنا
                                                                    فزّاعة ، يغزوا الجراد سنابلي
                                                                    من كلِّ صوبٍ ،
                                                                    يا إلهي لم يَعدْ بالأرضِ قمحٌ
                                                                    غيرَ قمحي ،
                                                                    لم يعدْ بالأرضِ زرعٌ
                                                                    غيرَ زرعي ،
                                                                    لم يعدْ غيرَ اخضراري
                                                                    للجرادِ وللمناجلِ لم يعدْ
                                                                    غيرَ اخضراري
                                                                    .
                                                                    الحبّ يأكلني
                                                                    وصدّكِ يستشفّ دمي
                                                                    وجسمكِ كلما حدقتُ فيهِ
                                                                    رأيتُ عاصمة رأيتُ بهِ
                                                                    الفصول الاربعة ،
                                                                    ورأيتُ ميلادي / احتضاري
                                                                    .
                                                                    لا الشعر يسعفـُني
                                                                    وعيناكِ اللتانِ تضيِّقانِ البحر
                                                                    اكبر من نشيدي
                                                                    .
                                                                    من قوافي الجاهليةِ
                                                                    من خيالِ المحدثينَ
                                                                    ومن سماءِ الصيفِ في
                                                                    وضحِ النهارِ
                                                                    .
                                                                    ترفٌ بــها ترِفُ
                                                                    قلبي لـــــها يَقِفُ
                                                                    سيرائـــها قصَبٌ
                                                                    من خلفـــِهِ تحَفُ
                                                                    وَقفت لـــها بــاءٌ
                                                                    جلست لـها ألِـفُ
                                                                    سبحانَ طلـّتــــها
                                                                    جلـّت إذا أصِـفُ
                                                                    الخمرُ مـازجـها
                                                                    أم شفـّـها الشّففُ
                                                                    .
                                                                    نحلٌ بأوردتي
                                                                    كأني حينَ قبـّلتُ الشفاهَ
                                                                    نمت بداخِلِيَ الزهورُ
                                                                    كأني حينَ قبـّلتُ اليدينَ
                                                                    رأيتُ أنّ غدي يُخبـّىءُ لي الهدايا
                                                                    والنبيذ وضحكتينِ
                                                                    رأيتُ أنّ غدي سيقتلـُه انتظاري
                                                                    .
                                                                    هل تشربينَ البُنْ ؟
                                                                    الليلُ أجملُ منهُ شَعركِ
                                                                    والمكان مؤهـّلٌ كي نمزجَ
                                                                    الشـّفتينِ في شفةٍ
                                                                    ونمزج طينة الجسدينِ في جسدٍ
                                                                    لنطفأ ما اعترانا من لهيبِ الأمسْ
                                                                    هل تتذكـّرينَ الأمسْ ؟
                                                                    سفِكَ النبيذ ُ على بياضِ شراشفي
                                                                    كُسِرت جراري من دبيبِ الهمسْ
                                                                    هل تتذكـّرينَ الأمسْ ؟
                                                                    وأرى المكان مؤهلاً لغِنائِنا
                                                                    غنـّي كما بُزُقٍ يرتـِّلُ مجدَ استانبولَ
                                                                    وافترشي المدى وقِفي
                                                                    على الشبـّاكِ وارمي لي نثاري
                                                                    .
                                                                    فـي وجهها فرَحٌ
                                                                    في مشيـها ألـــقُ
                                                                    والشـَّعرُ منسرحٌ
                                                                    والنـهـــدُ منبثـقُ
                                                                    يا خدّهــــا بَلـَـحٌ
                                                                    فـي لونـهِ الشفقُ
                                                                    يا ثغرهـــا قـَدَحٌ
                                                                    ورضابهُ عــَرَقُ
                                                                    .
                                                                    القلبُ يرغمني
                                                                    لأحني قامتي ،
                                                                    وأضمّ قبـّعتي لنخلٍ شامخٍ
                                                                    وألمّ ذيلَ الثوبِ من خلفِ المليكةِ ،
                                                                    يُرغمُ القلب الذي أسرتهُ أن يسقي بنفسجها
                                                                    ويسند فلة ً قـُصفت ، ويرغمني
                                                                    بقلعِ النرجسِ النامي على لغتي
                                                                    وأعملُ حارساً لحديقةٍ
                                                                    من بعدما ملكت يدايَ البرّ
                                                                    وامتثلت نساء الأرض في كنفي جَواري
                                                                    .
                                                                    إن جئتُ ألـثمـهـا
                                                                    قالت لـــيَ الوقتُ
                                                                    أو ما استحيتَ أنا
                                                                    رغــمَ الهوى بنتُ
                                                                    فـــأعـودُ منكسـفاً
                                                                    أوَ يشترى البختُ
                                                                    إذ قـبـلـة عصيت
                                                                    أيضـمـنـا تـخــتُ
                                                                    .
                                                                    الوقتُ مشكلتي
                                                                    وساعتيَ المريضة بينَ تكـّتها
                                                                    وتكـّتها تبدّل عالمٍ
                                                                    وإذا طلبتُ الحبّ قالت لي :
                                                                    دعِ الأيام تنضجهُ لتأكلني /
                                                                    لتأكلهُ ككعكِ العيدِ صبح العيدِ
                                                                    وارقبهُ على الشـّباكِ
                                                                    واحذر أن تفوتكَ غفوة
                                                                    فالحبّ لا يأتي لقلبٍ مرّتينِ
                                                                    فرُحتُ أقترفُ البلاغة لاختصارِ
                                                                    الوقتِ من لهفي ،
                                                                    وفي عجلٍ ركضتُ ...
                                                                    ركضتُ للشـّباكِ أبتدىءُ انتظاري.