مَنْ كانَ مِثْلَ أبِي عَليٍّ فَلْيَنَلْ - ابن الخياط
مَنْ كانَ مِثْلَ أبِي عَليٍّ فَلْيَنَلْ
                                                                            أفُقَ السَّماءِ بِهمَّة ٍ لَمْ تُخْفَضِ
                                                                    أغْنى وقدْ أبْدى الندى وأعادَهُ
                                                                            عَنْ أنْ أقُولَ لَهُ أطَلْتَ فأعْرِضِ
                                                                    ما كانَ فِيما نِلْتُ مِنْهُ بِواعِدٍ
                                                                            فأقُولَ إنَّ الوَعْدَ غَيْرُ مُمَرِّضِ
                                                                    سبقَتْ مواهبُهُ الوُعُودَ ورُبَّما
                                                                            جادَ السَّحابُ وبَرْقُهُ لَمْ يُومِضِ
                                                                    وقَفَ الحُسَيْنُ علَى السَّماحِ غَرامَهُ
                                                                            ليسَ المُحِبُّ عنِ الحَبيبِ بمُعْرِضِ
                                                                    كَشّافُ كُلِّ عَظِيمَة ٍ إنْ تَدْعُهُ
                                                                            لا تَدْعُهُ للخَطْبِ ما لمْ يُرْمِضِ
                                                                    وإذَا أرَدْتَ إلى الحُسَيْنِ صَنِيعَة ً
                                                                            فَکعْرِضْ لِفَضْلِ نَوالِهِ وتَعرَّضِ
                                                                    إنَّ السُّؤالَ لواقِعٌ منْهُ بمَنْـ
                                                                            ـزِلة ِ النَّوالِ منَ المُقِلِّ المُنْفِضِ
                                                                    وَلَهُ إذا وعَدَ الجَمِيلَ مكارِمٌ
                                                                            لا يَقْتَضِيهِ بِغَيرِهنَّ المُقْتَضِي
                                                                    مَحْضُ العَلاءِ صَرِيحُهُ فِي أُسْرَة ٍ
                                                                            جُمحيَّة ِ النَّسَبِ الصَّريحِ الأمْحَضِ
                                                                    ضَرَبَ الحِمامُ عَلَيْهِمُ فَتَقَوَّضْوا
                                                                            وبِناءُ ذَاكَ المَجْدِ لَمْ يَتَقَوَّضِ
                                                                    قومٌ لهُمْ شرَفُ الحَطِيمِ ومُبْتَنى الـ
                                                                            ـعِزِّ المُشَيَّدِ في البِطاحِ الأعْرَضِ
                                                                    يُحْيي الثَّنا مَوْتى الكِرامِ ورُبَّما
                                                                            ماتَ اللَّئِيمُ ورُوحُهُ لمْ تُقْبَضِ
                                                                    ما ذا تَقُولُ لِمَنْ أتاكَ مُصَرِّحاً
                                                                            نِعَمٌ تعرَّضُها لِكُلِّ مُعَرِّضِ
                                                                    قدْ كانَ خَيَّمَ صَرْفُ كُلِّ مُلِمَّة ٍ
                                                                            عندِي فقالَ لُه سَماحُكَ قوِّضِ
                                                                    ولحَظْتَنِي فعرَفْتَ موضِعَ خلَّتِي
                                                                            نظَرَ الطَّبيبِ إلى العَليلِ المُمْرَضِ
                                                                    ونَظَرْتَ مِنْ تَحْتِ الخُمُولِ تَطَلُّعِي
                                                                            كَالماءِ بُرْقِعَ وَجْهُهُ بِالعَرْمَضِ
                                                                    لمّا رأَيْتَ الدَّهْرَ يَقْصُرُ هِمَّتِي
                                                                            عنْ غاية ِ الأمَلِ البَعِيدِ المَرْكَضِ
                                                                    أنْهَضُتَنِي والسَّهْمُ لَيْسَ بِصائِبٍ
                                                                            غَرَضاً إذا الرَّامِي بهِ لَمْ يُنْبِضِ
                                                                    والعَضْبُ ليْسَ ببَيِّنٍ تأْثِيرهُ
                                                                            والأثرُ حتّى ينتَضِيهِ المُنتَضِي
                                                                    وعَلَيْكَ حَقٌّ رَفْعُ ما أسَّسْتَهُ
                                                                            فِي مَذْهَبِ الكَرَمِ الَّذِي لَمْ يُرْفَضِ
                                                                    لا يَمْنَعَنَّكَ مِنْ يَدٍ والَيْتَها
                                                                            أنِّي بشكْرِ صنيعِها لمْ أنهضِ
                                                                    إنَّ الغمامَ إذا ترادَفَ وابلُهُ
                                                                            أبْقى أنيقَ الروضِ غير مروَّضِ
                                                                    وَلَئِنْ بَقِيتُ لَتَسْمعَنَّ غَرائِباً
                                                                            يَقْضِي الزَّمانَ وفَضْلُها لمْ يَنْقَضِ
                                                                    يظْمَا إليْها المُنْعِمُونَ فمنْ يرِدْ
                                                                            يَرِدِ الثَّناءَ العَذْبَ غْيَر مُبَرَّضِ
                                                                    هذا ولست ببالغ بعضَ الذي
                                                                            أوليت مالُبِسَ الظلامُ وما نُضي
                                                                    أقْرَضْتَنِي حُسْنَ الصَّنِيعِ تَبَرُّعاً
                                                                            والقَرْضِ أفْضَلُ مِنْ جَزاءِ المُقْرِضِ
                                                                    فَاعْذُرْ إذا ما الدَّهْرُ أخْمَدَ فِكْرَتِي
                                                                            أيُّ لكِرَامِ بِدَهْرِهِ لَمْ يَغْرَضِ
                                                                    جاءَتْكَ تُنْذِرُ بِالتَّوالِي بَعْدَها
                                                                            كالفجْرِ في صدْرِ الصباحِ الأبْيَضِ
                                                                    أبِنِي أبي العيشِ الأكارِمَ إنَّنِي
                                                                            لولاكمُ لرَضِيتُ ما لمْ أرْتَضِ
                                                                    ما زِلْتُ أعْتَرِضُ المَوارِدَ قامِحاً
                                                                            حتّى وَصَلْتُ إلى البُحُوره الفُيَّضِ