رسالة إلى سيدتي التي لم تحضر - أحمد اللهيب
(1)
                                                                    يا سيّدتِي !
                                                                    هذا ما يُزعجُني
                                                                    أنْ أرقُبَ صَوْتَ المِحْجَرِ يغزونِي،
                                                                    فيُمزّقُ أوردَتِي،
                                                                    وليكتبْ في داخلِ أيّامِي
                                                                    أنّي لمْ أعرفْ ( سيّدتي ) !!
                                                                    (2)
                                                                    يا سيّدتي !
                                                                    ميعادُ اللّيلِ يُراودُنِي
                                                                    يبعثُني في مَوكِبِ أحْلامي،
                                                                    ويجولُ بيَ الآفاقَ لكيْ يرسمَني
                                                                    نُقطةَ تاريخٍ حمْراء.
                                                                    موجعةٌ ذِكرى نَهْديْك،
                                                                    وحنينُ الشّفةِ السُّفلى للماء .
                                                                    (3)
                                                                    يا سيّدتِي !
                                                                    لم أبصرْ في تاريخِ الأحزانِ،
                                                                    حُزناً عَاجيّاً يتلامعُ كالبُلّور
                                                                    في عينيْك .
                                                                    لم أبصرْ مدداً بحريّاً يترامَى في خديّكْ
                                                                    كبياضِ الرّوح .
                                                                    (4)
                                                                    يا سيّدتي !
                                                                    إنّي حينَ يُلامسُني صوْتُكِ
                                                                    تنْتفضُ العَنْقاء،
                                                                    وأُحسُّ بأنّي بُركانٌ في قَلْبِ الصّحراء،
                                                                    لم أشعرْ- يا سيّدتي –
                                                                    أنّ السّيفَ النائمَ لمْ ترفعْهُ سوى بارقةِ العينيْن،
                                                                    وبأنّ العُمْرَ الآثمَ لمْ يُولدْ،
                                                                    وبأنّي لم استنشقْ رائحةَ الإغواء .
                                                                    (5)
                                                                    يا سيّدتي !
                                                                    لم أكتبْ منْ نُورِ جبينِكِ مَوالا،
                                                                    لم أنقُشْ في مَتحَفِ صدرِكِ أوجاعا ،
                                                                    لم أنبشْ من ساحةِ تاريخِكِ دندنةً،
                                                                    لم أعرفْ – بعدُ - تفاصيلَ الذّكرى .
                                                                    (6)
                                                                    يا سيّدتي !
                                                                    يكفيني أنّكِ ( سيّدتي )
                                                                    وبأنّي تمثالٌ يختصرُ الدّنيا في ضوءِ عُيونِكْ.
                                                                    لنْ يبقى في الدّنيا – يا سيدتِي – إلا أنّكِ ( سيّدتِي ) .