ألما على أطلال سعدى نسلم - الفرزدق
ألِمّا عَلى أطْلالِ سُعْدَى نُسَلِّمِ،
                                                                            دَوَارِسَ لمّا استُنْطِقَتْ لمْ تَكَلّمِ
                                                                    وُقُوفاً بهَا صَحْبي عَليّ، وَإنّمَا
                                                                            عَرَفْتُ رُسُومَ الدّارِ بَعْدَ التّوَهّمِ
                                                                    يَقولُونَ لا تَهْلِكْ أسىً، وَلقد بَدَتْ
                                                                            لَهُمْ عَبَرَاتُ المُسْتَهَامِ المُتَيَّمِ
                                                                    فَقُلْتُ لهُمْ: لا تَعْذُلُوني، فإنّهَا
                                                                            مَنَازِلُ كَانَتْ مِنْ نَوَارَ بمَعَلَمِ
                                                                    أتَاني مِنْ الأنْبَاءِ بَعدَ الّذي مَضَى
                                                                            لشَيبَانَ مِنْ عادِيّ مَجْدٍ مُقَدَّمِ
                                                                    غَداةَ قَرَوْا كِسْرَى وَحَدَّ جُنُودِهِ
                                                                            بِبَطْحَاءِ ذي قَارٍ قِرىً لمْ يُعَتَّمِ
                                                                    أبَاحُوا حِمىً قَدْ كانَ قِدْماً محَرَّماً،
                                                                            فأضْحَى على شَيْبَانَ غَيرَ مُحَرَّمِ
                                                                    مِنِ ابْنَيْ نِزَارٍ وَاليَمَانِينَ بَعْدَهُمْ
                                                                            أيَادي سَبَا، والعَقْلُ للمُتَفَهِّمِ
                                                                    فخُصّتْ بِهِ شَيبانُ من دونِ قَوْمِها
                                                                            على رَاضِياتٍ من أُنُوفٍ وَرُغَّمِ
                                                                    فَصَارَتْ لذُهْلٍ دُونَ شَيْبَانَ إنّهم
                                                                            ذَوُو العِزّ عِنْدَ المُنْتَمَى وَالتّكَرّمِ
                                                                    فَآلَتْ لِهَمّامٍ، فَفازُوا بِصَفْوِهَا،
                                                                            وَمَنْ يُعطِ أثمانَ المَكارِمِ يَعظُمِ
                                                                    فَأبْلِغْ أبَا عَبدِ المَلِيكِ رِسَالَةً
                                                                            يَمِينَ وَفَاءٍ لَمْ تَنطَّفْ بِمَأثَمِ
                                                                    سَتَأتِيكَ مِني كُلَّ عامٍ قَصِيدَةٌ،
                                                                            مُحَبَّرَةٌ نُوفِيكَهَا كُلَّ مَوْسِمِ
                                                                    فَهذي ثَلاثٌ قَدْ أتَتْكَ وَبَعْدَها
                                                                            قَصَائِدُ إلاّ أُودِ لا تَتَصَرّمِ
                                                                    جَزَاءً بمَا أوْلَيْتَني إذْ حَبَوْتَني
                                                                            بِجَابِيَةِ الجَوْلانِ ذاتِ المُخَرَّمِ
                                                                    وَإنْ أكُ قَدْ عَاتَبْتُ بَكْراً فإنّني
                                                                            رَهِينٌ لِبَكْرٍ بالرّضَا وَالتّكَرّمِ