أرى ابن سليم يعصم الله دينه - الفرزدق
أرَى ابنَ سُلَيْمٍ يَعصِمُ الله دِينَهُ
                                                                            بِه، وَأثَافي الحَرْبِ تَغلي قُدُورُهَا
                                                                    هُوَ الحَجَرُ الرّامي بِهِ الله مَنْ رَمَى
                                                                            إذا الأرْضُ بالناس اقشعَرّتْ ظهورُها
                                                                    وَكانَ إذا أرْضُ العَدُوِّ تَنَكّرَتْ
                                                                            فَبابنِ سُلَيْمٍ كانَ يُرْمَى نَكِيرُها
                                                                    تَرَى الخَيْلَ تَأبَى أنْ تَذِلّ لفارِسٍ
                                                                            سِوى ابنِ سُلَيْمٍ في اللقاء ذُكورُها
                                                                    وَرُومِيّةٍ فِيهَا المَنَايَا ضَرَبْتَهَا
                                                                            بشَهْبَاءَ يُعْشِي النّاظِرِينَ قَتِيرُها
                                                                    وَيَوْمَ تَلاقَتْ خَيْلُ بابِلَ بالقَنَا
                                                                            كتائِبَ قَد أبدى الضُّرُوسَ هرِيرُها
                                                                    فتَحْتَ لهمْ بالسّيفِ وَالخَيلُ تَلتَقي
                                                                            على المَوْتِ من كلّ الفِريقينِ زُورُها
                                                                    تَرَى خَيْلَهُ غِبَّ الوَقِيعَةِ أصْبَحَتْ
                                                                            مُكَلَّمَةً أعْنَاقُهَا وَنُحُورُها
                                                                    وَإنّا وَكَلْباً إخْوَةٌ، بَيْنَنَا عُرى
                                                                            من العَقْدِ قد شدّ القُوَى من يُغيرُها
                                                                    تُخاضُ مِيَاهٌ لا غُمُورَ لمَائِها،
                                                                            وَلَكِنّ كَلْباً لا تُخَاضُ بُحُورُها
                                                                    فَمَنْ يَأتِنَا يَرْجُو تَفَرُّقَ بَيْنِنَا
                                                                            يُلاقِ جِبَالاً دُونَ ذاكَ وُعُورُها
                                                                    حَليفانِ بالإسلامِ وَالحَقِّ تَنْتَهِي،
                                                                            إلى ابنِ سُلَيْمٍ بِالوفَاءِ، أُمُورُها
                                                                    هُوَ الحازِمُ المَيْمُونُ في كلّ وَقْعَةٍ
                                                                            لَهُ حِينَ تُسْتَلّ السّيُوفُ بَشِيرُها
                                                                    نُجِيرُ على كَلْبٍ فيَمضِي جِوَارُنا،
                                                                            وَيَعْقِدُ مِنْ كَلْبٍ عَلَيْنا مُجِيرُها
                                                                    لكَلبٍ حصىً لا يحسبُ الناسُ قِبصَهُ
                                                                            وَأكثرُ من كَلْبٍ عَديداً نَصِيرُها
                                                                    قَبَائِلُ ضَمّتْهَا قُضَاعَةُ مِنْهُمُ:
                                                                            هُذَيمٌ وَجسرٌ حينَ يطمو نَفيرُها
                                                                    سيُرْهَبُ من حَيَّيْ قضَاعةَ مَن عَوى
                                                                            إلَيِهمْ من الأُسدِ الغَوَادي زَئِيرُها
                                                                    إذا حِمْيَرٌ قِيلَ احْسبُوهَا، فإنّهَا
                                                                            قَليلٌ، فَكَلْبٌ فاحسبُوها كَثيرُها
                                                                    ألمْ تَكُ أرْباباً على النّاسِ حِمْيَرٌ،
                                                                            لَيَاليَ مَنْ عَزّ الرّجالَ أمِيرُها