حلفت برب مكة والمصلى - الفرزدق
حَلَفْتُ بِرَبّ مَكّةَ وَالمُصَلّى،
                                                                            وَأعْنَاقِ الهَدِيّ مُقَلَّداتِ
                                                                    لَقَدْ قَلّدتُ جِلفَ بَني كُلَيْبٍ
                                                                            قَلائِدَ في السّوَالِفِ بَاقِيَاتِ
                                                                    قَلائِدَ لَيْسَ من ذَهَبٍ وَلكِنْ
                                                                            مَوَاسِمَ مِنْ جَهَنّمَ مُنْضِجاتِ
                                                                    فَكَيْفَ تَرَى عَطِيّةَ حينَ يَلقى
                                                                            عِظاماً هامُهُنّ قُرَاسِيَاتِ
                                                                    قُرُوماً مِنْ بَني سُفْيَانَ صِيداً
                                                                            طُوَالاتِ الشّقاشِقِ مُصْعِبَاتِ
                                                                    تَرَى أعناقَهُنّ، وَهُنّ صِيدٌ،
                                                                            على أعْنَاقِ قَوْمِكَ سَامِيَاتِ
                                                                    فَرُمْ بيَدَيْكَ هَلْ تَسطيعُ نَقْلاً
                                                                            جِبالاً مِنْ تِهَامَةَ رَاسِيَاتِ
                                                                    وَأبْصِرْ كَيْفَ تَنْبُو بِالأعَادي
                                                                            مَناكِبُها إذا قُرِعَتْ صَفَاتي
                                                                    وَإنّكَ وَاجِدٌ دُوني صَعُوداً
                                                                            جَرَاثِيمَ الأقَارِعِ وَالحُتَاتِ
                                                                    وَلَسْتَ بِنَائِلٍ بِبَني كُلَيْبٍ
                                                                            أرُومَتَنَا إلى يَوْمِ المَمَاتِ
                                                                    وَجَدْتُ لِدَارِمٍ قَوْمي بُيُوتاً
                                                                            على بُنيَانِ قَوْمِكَ قَاهِرَاتِ
                                                                    دُعِمْنَ بحاجِبٍ وَابْنَيْ عِقَالٍ،
                                                                            وَبِالقَعْقَاعِ تَيّارِ الفُراتِ
                                                                    وَصَعْصَعةَ المُجِيرِ على المَنَايَا،
                                                                            بِذِمّتِهِ وَفَكّاكِ العُنَاةِ
                                                                    وَصَاحِبِ صَوْأرٍ وَأبي شُرَيْحٍ،
                                                                            وَسَلْمَى مِنْ دَعائِمِ ثَابِتَاتِ
                                                                    بَنَاهَا الأقْرَعُ البَاني المَعَالي،
                                                                            وَهَوْذَةُ في شَوَامِخَ باذِخَاتِ
                                                                    لَقِيطٌ مِنْ دعَائِمِهَا، وَمِنْهُم
                                                                            زُرَارَةُ ذُو النّدى والمَكْرُمَاتِ
                                                                    وَبالعَمْرَيْنِ وَالضَّمْرَيْنِ نَبْني
                                                                            دعائِمَ، مَجدَهُنّ مُشَيِّداتِ
                                                                    دَعائِمُها أُولاك، وَهُمْ بَنَوْها،
                                                                            فَمَنْ مِثْلُ الدّعائِمِ وَالبُنَاةُ
                                                                    أُولاكَ لِدارِمٍ وَبَنَاتِ عَوْفٍ
                                                                            لِخَيْرَاتٍ وَأكْرَمِ أُمّهِاتِ
                                                                    فَمَا لَكَ لا تَعُدُّ بَني كُلَيْبٍ،
                                                                            وَتَنْدُبُ غَيْرَهُمْ بِالمَأثُرَاتِ
                                                                    وَفَخْرُكَ يا جَرِيرُ وَأنْتَ عَبْدٌ
                                                                            لِغَيرِ أبيكَ إحْدَى المُنْكَرَاتِ
                                                                    تَعَنّى يا جَرِيرُ لِغَيرِ شَيْءٍ،
                                                                            وَقَدْ ذَهَبَ القَصَائِدُ للرّوَاةِ
                                                                    فَكَيْفَ تَرُدّ ما بِعُمانَ مِنْها،
                                                                            وَمَا بجِبَالِ مِصْرَ مُشَهَّرَاتِ
                                                                    غَلَبْتُكَ بِالمُفَقِّىءِ وَالمُعَنِّي،
                                                                            وَبَيْتِ المُحْتَبي وَالخَافِقَاتِ