وجدنا الأبرش الكلبي تنمي - الفرزدق
وَجَدْنَا الأبْرَشَ الكَلْبيَّ تَنمي
                                                                            بهِ أعرَاقُ ذي حَسَبٍ كَرِيمِ
                                                                    نمَاهُ أبُوهُ في حَيْثُ اسْتَقَرّتْ
                                                                            قُضَاعَةُ فَوْقَ عادِيٍّ جَسِيمِ
                                                                    على الأحسابِ يَفضُلُ طُولَ باعٍ
                                                                            أغَرَّ، وَلَيسَ بالحَسَبِ البَهِيمِ
                                                                    إلَيكَ يَصِيرُ مِنْ كَلْبٍ حَصَاها،
                                                                            وَحِلْفُ الأكْثَرِينَ بَني تَميمِ
                                                                    هُمُ حُلَفَاؤكَ الأدْنَوْنَ غَمّوا
                                                                            أُنُوفَ عَدُوّ قَوْمِكَ بالرُّغُومِ
                                                                    وَكائِنْ فيكَ مِنْ سَاعَاتِ يَوْمٍ
                                                                            مِنَ الفَرّاءِ بَادِيَةِ النّجُومِ
                                                                    مَرَيتَ بسَيفِكَ المَسلُولِ فيهِمْ،
                                                                            مَوَاطِنَ كُلِّ مُبْدِيَةِ الغُمُومِ
                                                                    وَكَائِنْ مِنْ وَقَائِعِ يَوْمَ بأسٍ
                                                                            لكَلْبٍ كُنّ في عَرَبٍ وَرُومِ
                                                                    أشَدُّ النّاسِ يَوْمَ البأسِ كَلْبٌ،
                                                                            وَأثْقَلُهُ مَوَازِينُ الحُلُومِ
                                                                    فإني وَالّذي حَجّتْ قُرَيْشٌ،
                                                                            بحَلْفَةِ لا ألَدَّ وَلا أثِيمِ
                                                                    يَحِنّ إلَيْهِ فِيهِ مُخَدَّماتٌ
                                                                            وَدامٍ مِنْ مَناكِبِهَا كَلِيمِ
                                                                    فَإنّي، والرّكَابُ حَلِيفُ كَلْبٍ،
                                                                            كَرِيمٌ سَاقَهُنّ إلى كَرِيمِ
                                                                    إلَيْكَ نُعَرِّقُ الأشْرَافَ مِنْهَا
                                                                            على ظَهْرِ المُطَبَّقِ وَالصّمِيمِ
                                                                    إذا بَلّغْتني رَحْلي ونَفْسِي
                                                                            إلى الكَلْبيِّ، ناقَ، فلا تَقُومي
                                                                    فَقَدْ بَلّغْتِني مَنْ كُنْتُ أرْجُو
                                                                            جَداهُ، رَجَاةَ هَطّالٍ سَجُومِ
                                                                    وَكَمْ مِنْ قاتِلٍ للجوعِ فِيكُمْ،
                                                                            ضَرُوبٍ بالحُسَامِ على الصّمِيمِ
                                                                    وَكَمْ قَدْ غَيّرَ الأبْدانَ مِنّا
                                                                            على شُعْبِ الرّحالِ من السَّمُومِ
                                                                    وَكائِنْ قَدْ شَنَفْنَ مُقَلِّصَاتٍ
                                                                            إلى صَوْتٍ، وَما هُوَ غَيرُ يَوْمِ
                                                                    تَجاوَبُ، وَهيَ في دَيْجورِ لَيْلٍ،
                                                                            تَفَجُّعَ هامَتَينِ على الأرُومِ