كم للملاءة من أطلال منزلة - الفرزدق
كَمْ للمُلاءَةِ مِنْ أطْلالِ مَنْزِلَةٍ
                                                                            بِالعَنْبَرِيّةِ مِثْلَ المُهْرَقِ البَالي
                                                                    وَقَفْتُ فيها فَعَيّتْ ما تُكَلّمُني،
                                                                            وما سؤالُكَ رَسْماً بَعْدَ أحْوالِ
                                                                    عَزَالَةُ الشّمْسِ لا يَصْحو الفؤادُ بها
                                                                            حَتى تَرَوّحْتُ لأياً بَعْدَ إيصَالِ
                                                                    كَأنّمَا طَرَفَتْ عَيْنيّ كَاحِلَةٌ
                                                                            في الدّارِ مِنْ سَرِبٍ بالمَاءِ مِسْيَالِ
                                                                    أوْ كابنِ عَجلانَ إذ كانَتْ لَه تَلَفاً،
                                                                            هِنْدُ الهُنُودِ بِمقْدارٍ وَآجَالِ
                                                                    تَرْمي القُلُوبَ ولا يَصْطادُها أحَدٌ،
                                                                            بِسَهْمِ قَانِصَةٍ للقَوْمِ قَتّالِ
                                                                    غَرْثَى الوُشاحِ ولَكِنّ النّطاقَ بِهَا
                                                                            يُلاثُ حَوْلَ رِمالٍ ذاتِ أكْفَالِ
                                                                    ما أمُّ خِشْفٍ برَوْضَاتِ الذِّهابِ، لَها
                                                                            مَرْعى فَرُودٍ من الأُلاّفِ مِطفالِ
                                                                    أدْماءُ يَنْفُضُ رَوْقاها، إذا ادّمجَتْ،
                                                                            عَنها الأرَاكَ وأغْصَاناً من الضّالِ
                                                                    وَلا مُكَلَّلَةٌ رَاحَ السِّمَاكُ لَهَا
                                                                            في نَاحِرَاتِ سَرَارٍ قَبْلَ إهْلالِ
                                                                    تَجْلُو بِقَادِمَتَيْ لَمْيَاءَ عَنْ بَرَدٍ
                                                                            حُوِّ اللِّثاثِ، وَجِيدٍ غَيرِ مِعْطَالِ
                                                                    لا تُوقِدُ النّارَ إلاّ أنْ تُثَقِّبَهَا
                                                                            بالعَودِ في مِفضلِ الخَزّيّةِ الغَالي
                                                                    وَالطّيبُ يَزْدادُ طِيباً أنْ يكُونَ بِها،
                                                                            وَإنْ تَدَعْهُ غَيْرَ مِتْفَالِ