تظل بعينيها إلى الجبل الذي - الفرزدق
تَظَلُّ بِعَيْنَيْها إلى الجبَلِ الّذي
                                                                            عَلَيْهِ مُلاءُ الثّلْجِ بِيضُ الَبنائِقِ
                                                                    تَظَلُّ إلى الغاسُولِ تَرْعَى حَزِينَةً
                                                                            ثَنايا بِرَاقٍ نَاقَتي بالحَمالِقِ
                                                                    ألا لَيتَ شعري هَل أزُورَنّ نِسْوَةً
                                                                            بِرَعْنِ سَنَامٍ كاسِرَاتِ النّمَارِقِ
                                                                    بَوَادِ يُشَمِّمْنَ الخُزَامَى تُرَى لهَا
                                                                            مَعاصِمُ فيها السُّوُر دُرْمُ المَرَافِقِ
                                                                    كَفَى عُمَرٌ ما كان يُخشَى انْحرَافُه
                                                                            إذا أجْحَفَتْ بالنّاسِ إحدى البَوائقِ
                                                                    وَما حَجَرٌ يُرْمَى بِهِ أهْلُ جانِبٍ
                                                                            لفِتْنَتِهِمْ مِثْلَ الّذي بِالمَشارِقِ
                                                                    يَلِينُ لأهْلِ الدِّينِ مِنْ لِينِ قَلْبِهِ
                                                                            لَهُمْ، وَغَليظٌ قَلْبُهُ للمُنَافِقِ
                                                                    وَمَا رُفِعَتْ إلاّ أمَامَ جَمَاعةٍ
                                                                            عَلى مِثْلِهِ حَزْماً، عِمادُ السُّرَادِقِ
                                                                    جَمَعْتَ كَثيراً طَيّباً ما جَمَعْتَهُ
                                                                            بغَدْرٍ وَلا العَذْرَاءُ ذاتُ السَّوَارِقِ
                                                                    وَلا مَالِ مَوْلىً للوَليّ الذي جَنى
                                                                            على نَفسهِ بَعض الحُتوفِ اللّوَاحِقِ
                                                                    وَلَكِنْ بكَفّيْكَ الكَثِيرِ نَداهُمَا
                                                                            وَنَفسِكَ قد أحكمْتَ عند الوَثائِقِ
                                                                    بِخَيْرِ عِبَادِ الله بَعْدَ مُحَمّدٍ،
                                                                            لَهُ كانَ يَدْعُو الله كلُّ الخَلايِقِ
                                                                    لِيَجْعَلَهُ الله الخلِيفَةَ والّذِي
                                                                            لَهُ المِنْبَرُ الأعلى عَلى كُلّ ناطِقِ
                                                                    وَفُضَّ بسَيْفِ الله عَنْهُ وَدَفْعِهِ
                                                                            كَتايِبُ كانَتْ مِنْ وَرَاءِ الخَنادِقِ
                                                                    دَعَاهُمْ مَزُونيٌّ، فَجاءوا كَأنّهُمْ
                                                                            بجَنْبَيْهِ شَاءٌ تَابِعٌ كُلَّ نَاعِقِ
                                                                    لَقُوا يَوْمَ عَقْرِ بابِلٍ حِينع أقْبَلُوا
                                                                            سُيُوفاً تُشَظّي جُمجَماتِ المَفارِقِ
                                                                    وَلَيْتَ الّذي وَلاّكَ، يَوْمَ وَلَيْتَهُ،
                                                                            وَلايَةَ وَافٍ بالأمَانَةِ صَادِقِ
                                                                    لَهُ حِينَ أْلقَى بِالمَقاليدِ والعُرَى،
                                                                            أتَتْكَ مع الأيّامِ ذاتِ الشّقاشِقِ
                                                                    وَما حَلَبَ المصْرَينِ مِثْلُكَ حالِبٌ،
                                                                            وَلا ضَمّها مِمّنْ جَنا في الحَقَائِقِ
                                                                    وَلكنْ غَلَبتَ النّاسَ أن تَتبعَ الهَوَى
                                                                            وَفَاءً يَرُوقُ العَينَ من كُلّ رَائِقِ
                                                                    وَأدْرَكْتَ مَنْ قد كان قَبلكَ عامِلاً
                                                                            بضِعْفَينِ مما قد جَبَى غَيرَ رَاهِقِ
                                                                    خَرَاجُ مَوانيذٍ، عَلَيْهِمْ كَثِيرَةٌ،
                                                                            تُشَدُّ لهَا أَيْديهِمُ بِالعَوائِقِ
                                                                    إِذا غَطَفَانٌ رَاهَنَتْ يَوْمَ حَلْبَةٍ
                                                                            إلى المَجْدِ نادَوْا مِنهُمْ كُلَّ ستابقِ
                                                                    لَيجزِيَ عَنهُمْ مِنهُمُ كُلَّ مُصْعَبٍ
                                                                            مِنَ الغادِياتِ الرّائْحاتِ السّوَابِقِ
                                                                    وَمَنّ على عُلْيَا تَمِيمٍ إلى الذي
                                                                            لهَا فَوْق أعْناقٍ طِوَالِ الزّرَانِقِ