ولما رأيت النفس صار نجيها - الفرزدق
وَلَمّا رَأيْتُ النّفْس صَارَ نَجِيُّها
                                                                            إلى عازِماتٍ مِنْ وَرَاءِ ضُلُوعي
                                                                    أبَتْ نَاقَتي إلاّ زِيَاداً وَرَغْبَتي،
                                                                            وَما الجُودُ مِنْ أخْلاقِهِ بِبَدِيعِ
                                                                    فَتىً غَيرُ مِفْرَاحٍ بِدُنْيَا يُصِيبُها،
                                                                            وَمِنْ نَكَباتِ الدّهْرِ غَيرُ جَزُوعِ
                                                                    ولمْ أكُ أوْ تَلْقَى زِياداً مَطِيّتي
                                                                            لأكْحَلَ عَيْنَي صَاحِبي بِهجُوعِ
                                                                    ألا لَيْتَ عَبْدِيَّيْنِ يَجْتَزرَانها،
                                                                            إذا بَلّغَتْني نَاقَتي ابنَ رَبِيعِ
                                                                    زِياداً، وَإنْ تَبْلُغْ زِياداً فَقَدْ أتَتْ
                                                                            فَتىً لِبِنَاءِ المَجْدِ غَيْرَ مُضِيعِ
                                                                    نَمَاهُ بَنُو الدّيّانِ في مُشْمَخرّةٍ،
                                                                            إلى حَسَبٍ عِنْدَ السّمَاءِ رَفِيعِ
                                                                    وَكانَ خَليلي قَبْلَ سُلْطانِ ما رَمَى
                                                                            إلَيْهِ، فَما أدْرِي بِأيّ صَنِيعِ
                                                                    لَنَا يَقْضِينّ الله، وَالله قادِرٌ
                                                                            عَلى كلّ مَالٍ صَامِتٍ وَزُرُوعِ
                                                                    وَلَوْلا رَجائي فَضْلَ كفّيكَ لم تَعدْ
                                                                            إلى هَجَرٍ أنْضَاؤنَا لرُجُوعِ
                                                                    أمِيرٌ، وَذو قُرْبَى، وَكِلْتَاهُما لنا
                                                                            إلَيْهِ مَعَ الدّيّانِ خَيْرُ شَفِيعِ
                                                                    وَكَانَ بَنُو الدّيَّانِ زَيْناً لِقَوْمِهِمْ
                                                                            وَأرْكَانَ طَودٍ بِالأرَاكِ مَنِيعِ
                                                                    وَكانَ خدِيجٌ وَالنّجاشِيُّ مِنْهُمُ،
                                                                            ذَوَيْ طِعْمَةٍ في المَجدِ ذاتِ دَسيعِ
                                                                    هِما طَلَبَا شَعْرانَ حَتى حَبَاهُما
                                                                            بعَضْبٍ وَألْفٍ في الصِّرَارِ جميعِ