يوسف - قاسم حداد
1
                                                                    وضـعتـه في قطيفةٍ وغطـته بغيمة الرؤى
                                                                    سمته تميمة النهر والنخيل
                                                                    جنية ٌ تحسن مكالمة الليل، تآلفت مع الأيائل
                                                                    فلما آن لها الوضع .. وضعته في قطيفةٍ
                                                                    في وردة الخشب
                                                                    في مــاءٍ جــار ٍ .
                                                                    رأت مستقبل الموج ، فأعلنت بشارتها
                                                                    لئلا يشغلها الذاهب في غواية الذئب .
                                                                    2
                                                                    يـكرع الكأس تلو الكأس
                                                                    يترنـح ويهتاج
                                                                    حتى إذا ما لطمته جهامة العسس في منعطفات الطريق ،
                                                                    خرج من غفلته برهةً خاطفةً ،
                                                                    مسح تاج الشوك عن شفتيه ،
                                                                    ورفع عينيه ليرى إلى مصدر اللطمة . لم يلمح سوى قضبانٍ صاعدةٍ ، فدار بجسده دورةً كاملةً ليلقي نظرةً وحيدةً ، كأنها الأخيرة ، على خريطة الليل.
                                                                    يكتشف زنزانة
                                                                    وحوله عشرون غولاً يتطاير من أطرافهم شررٌ عظيمٌ
                                                                    وبين أكتافهم تتهدل أسمالٌ مضفورةٌ لتبدو رؤوسهم في أفاعٍ مسدولة .
                                                                    يفرك عينيه ويكرع كأسه الأخيرة كأنها الأولى
                                                                    فيكبو على وجهه في رغامٍ رطبٍ ينضح بسائلٍ لزجٍ
                                                                    جسده يتعفر وينتفض ويشهق ويضطرب في قهقهة العشرين غولاً تحيط به ،
                                                                    يهم أن ... يتذكر ،
                                                                    يتذكر ... و ينسى .
                                                                    3
                                                                    في نزهة الضباع
                                                                    ليلٌ يتعثر بقفطانه المتخبخب ويكبو عند المنعطفات .
                                                                    سمعت المرأة صرخة ولـدها الغريب
                                                                    كأنها تلده الآن
                                                                    رأتـه ، في ما ترى الثاكل ،
                                                                    أعضاءه تمر تحت آلةٍ ضاريةٍ شلواً شلواً
                                                                    وهو يمزق قمطه بصريخٍ يفزع البهو والأروقة .
                                                                    تزيح خشب النافذة / حجر الطريق / عقابيل الغابة،
                                                                    تزيح صخرة القبر
                                                                    لنرى امرأةً مصابةً بالفـقد :
                                                                    ( مـن أعطاك كل هذا الحديد والدم والفداء المفقود ،
                                                                    ألهذا إدخرت دمك ولحمك
                                                                    ألهذا ركضت بك وضـللت النصال لئلا تطالك ،
                                                                    ألمثل هذه الغيلان صـددت عنك الضباع ،
                                                                    مـا كان للماء الرؤوف أن يصير وحشاً عليك
                                                                    كانت حيوانات الشمس ورائي،
                                                                    وأنا أطويك في المكان الذي لا يطالونه )
                                                                    وحين عبرت النهر ،
                                                                    أيقظت لك زرقة النوم، و رأيت لك نيزك الحلم
                                                                    لكنك الآن في الغدر
                                                                    في الغـدر والمؤامرات .
                                                                    هـل أنت يوسف … وإخوتـك لا يحصــــون .